للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أثر القرآن على المرأة أن تعرف أن الله أكرمها]

وأيضاً أثر القرآن على الفتاة المسلمة: أن تعرف أن الله أكرمها، والله إن هذا الدين أكرم المرأة كرامة ما حظيت بها من قبل في سابق الشرائع ومختلف الديانات أبداً، لم تحظ المرأة منذ أن وجدت الخليقة إلى يومنا هذا بكرامة أجل وأعظم وأكرم مما نالته في هذا الدين العظيم، وهذا الدين القويم الذي أكرم الله به المؤمنين، وإن الذين يتحللون من هذا الدين أو الذين يتبرمون منه، أو الذين يشعرون أنهم في تعقيدٍ وتشددٍ، وفي حجابٍ أسودٍ من كل جانبٍ يودون التخلص منه، فما تلك إلا واحدة تريد أن تقع فيما وقعت فيه المرأة الغربية التي تجرأت على حيائها، وتجرأت على عفتها، وتجرأت على سمتها، وطبيعة خلقها وتكوينها، ونعومة أنوثتها، فأصبحت مهينة تكلف بأعمالٍ لا يكلف بها الرجال، وماذا بعد ذلك؟ انتهت ولا حول ولا قوة إلا بالله إلى مصيرٍ مظلم، إلى مصيرٍ مزعجٍ جداً جداً! المرأة الغربية، والمرأة الشرقية أيضاً التي أعرضت عن كتاب الله وقلدتها هي امرأة تعيش في ضنك، وتعيش في ضيق، وكما قال سيد قطب رحمه الله: إن المرأة في المجتمعات الغربية كالحمامات الموجودة على ممرات الطرق، كل من لقيها تعرف عليها وبات معها، وكل من عرفها جعلها تحفة في محل أزيائه، وجعلها مادةً للدعاية والإعلان لكي يروج بها بضاعته وما عنده من السلع، وماذا بعد ذلك؟ إذا انتهى منها رماها شر رمية.

أما الفتاة التي تربت في المجتمع القرآني، فإن كانت طفلة فبنية يحوطها العطف والحنان من كل جانب، وإن كانت في عنفوان الشباب فنرتقب لها عريساً يسعدها، ويكون سبباً لحصول الذرية الصالحة لها، وإن كانت أماً فأبشري بكرامة الأمهات والجنة تحت أقدامها، والبر من أقرب أبواب التعبد لله جل وعلا، وإن كانت أماً وجدة فلا تسأل عن الحنان، ولا تسأل عن التواضع، ولا تسأل عن الإكرام والتبجيل والتقدير لها.

وعلى ذلك فإن الفتاة في المجتمع المسلم، التي تأثرت بهذا القرآن، أثر القرآن عليها طيب بإذن الله وبفضل الله جل وعلا.

والله ذات مرة كنت في ألمانيا الغربية في فرانك فورت فرأيت شاباً قد جعل فتاةً في يده يذهب وإياها ويمضي، وفي لحظة من اللحظات إذ به يدفعها على الثلج في الشارع، ويركلها برجله، ويبصق عليها، ويطردها ويبعدها فقلت: سبحان الله! على أقل الأحوال لو كانت هذه فتاة مسلمة في المجتمع القرآني، لو حصل بين رجلٍ وامرأة هذا، لو كانت زوجة مثلاً وحصل شجار لن يفعل بها هذا، فما بالك بهذه المرأة التي عاشت في ذلك المجتمع! فكل من أعرضت عن ذكر الله، فهي تريد أن تعيش في مجتمع الغرب، أو تريد أن تعيش عيشة مماثلة لمجتمع الغرب في مجتمعٍ لا يرحمها أبداً، أي كرامة أعظم للمرأة من مجتمعنا هذا الذي يحوطها ويقوم بواجبها ويكرمها؟!