للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قيامها على فكرة القومية العربية]

تقوم أفكار البعث على القومية وهي الوحدة، وعلى الاشتراكية ويسمونها المساواة، وعلى العلمانية وهي الحرية، أما القومية: يريدون -كما قلت- أن يجمعوا العرب في إقليمٍ واحد، في إطارٍ واحد، في نظامٍ واحد، أياً كان أولئك العرب؛ نصارى أو مجوساً، أو بعثيين أو نصيريين أو جرذيين، أو أي فئة كانوا، يريدون أن يجمعوا العرب في مكانٍ واحد، إن البهائم وهي بهائم لا تستطيع أن تجمع أصنافها في حظيرة واحدة، فما بالك بالبشر الذين تتباين وتختلف عقولهم وسلوكهم وتصرفاتهم، كيف تريد أن تجمعهم في إطارٍ واحدٍ اسمه إطار القومية العربية، والوحدة العربية جمعاء؟ ثم أين الوحدة؟ أرونا براهين هذه الوحدة؟ نعم، ظهرت براهين الوحدة في قتل الدعاة من العرب المسلمين، ظهرت براهين الوحدة في قتل أفراد السنة، ظهرت براهين الوحدة في الاجتياح لدولةٍ عربية مسلمة، ظهرت براهين الوحدة في اعتقال وتعذيب كل من عرف بالدعوة إلى الله، والصدق في كلامه، أهذه براهين صادقة، أم براهين على تكذيب دعوى الوحدة والقومية العربية التي يدعونها؟ وهذا الشعار الذي يرفعونه يتضمن ما يتضمنه من الكفر والفواحش، والكبائر والآثام والمصائب العظيمة، فلا حول ولا قوة إلا بالله، فهل بعد هذا يبقى مسلمٌ يظن أن من اعتقد أمور البعث وعمل بها كما هو الحال في هذه الطغمة الباغية، يبقى على الإسلام؟! والله إن النصراني يجوز أن تأكل ذبيحته، وتتزوج أخته، وتأمنه، ولا تستطيع أن تأمن بعثياً ملحداً لا يجوز أكل ذبيحته، ولا يجوز أن تتزوج منه، لا نفرق بين غربيٍ وشرقيٍ، وأوروبي وعربي، الكفر كله ملة واحدة، والعقيدة أمرها واحد؛ سواء كانت محليةً، أو إقليميةً، أو عالمية دولية، لا فرق بين كفر العرب وكفر العجم، لا فرق بين كفر العرب وكفر الأوروبيين وغيرهم، فالكفر ملةٌ واحدة.