للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وصف النفس من كتاب الله]

يا بن آدم! إذا تكبرت نفسك، وتجاهلت حقيقة قدرك؛ فتذكر أصل خلقتك من أي شيء خلقت؟ هل خلقت من جواهر الجنة أم من خالص ذهب الأرض، أم من ماذا؟ خلقت من ماء مهين، من مني يمنى، من نطفة قذرة، وتحمل في جوفك الخراءة والعذرة، وتدميك بقطة وتقتلك شرقة، فعلام الكبر إذاً؟ {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ * يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق:٥ - ٧].

اقرءوا كتاب الله، وتأملوا قوله عن هذه النفس الإنسانية في مواضع شتى من كتابه الكريم: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً} [النساء:٢٨] {إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم:٣٤] {وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولاً} [الإسراء:١١] {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} [الكهف:٥٤] {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب:٧٢] {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [يس:٧٧] {إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً} [المعارج:١٩ - ٢١] {بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} [القيامة:٥] {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} [الفجر:١٥ - ١٦] وغير ذلك كثير في كتاب الله العظيم، فيه من العظة والعبر والدروس والفكر لمن ألقى السمع وهو شهيد.

فهل بعد هذا أيها الإخوة! هل بعد اطلاع الإنسان على حقيقة نفسه الإنسانية وضعفها وعجزها وقصورها وفنائها وسرعة زوالها وسرعة تغيرها، هل بعد هذا يبقى في النفوس شيء؟ هل بعد هذا يبقى في النفوس شر؟ هل بعد هذا تحمل النفوس حسداً؟ هل بعد هذا تحمل النفوس أحقاداً؟ كلا، لا والله، من أدرك ذلك وعلمه علم اليقين، علم أنه ضعيف إلا بقوة الله، ذليل إلا بعزة الله، مسكين إلا برحمة الله، ضائع إلا بحفظ الله.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.