للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من صور ضياع الحزم]

أيها الأحبة: إن تسيب وتسكع كثير من الشباب في استهتار، وتهاون كثير من الفتيات بالأخلاق والقيم والتساهل بالحجاب، كل ذلك ما هو إلا صورة من ضياع الحزم الذي نحتاج إليه في هذا اليوم، ما ترى من شاب متسكع متخلف جالس عن المكرمات وعن القيم وعن الخلق وعن الأمور النافعة، وما ترى من فتاة متساهلة بعفتها وحيائها وصوتها، تتكسر مع البائعين، وتعبث بالهاتف مع المتكلمين، فما ذاك والله إلا صورة من صور فقدان الحزم في شيء من هذه المجالات.

وأين ضاع الحزم في أي سلسلة؟ قد يكون ضاع في التربية، قد يكون ضاع في درجة من درجات التعامل والسلوك التي يمر بها ذلك الشاب.

على أية حال: كل حازم وجاد ومثابر يحمد العاقبة في نجاح وصلاح أمره، والجاد يحمد الاستقامة والعاقبة في جده، والعابد والعالم وطالب العلم يحمد خير ما يقدم من أمر يرجو به رضا الله جل وعلا، وكل متهاون سيجد الغبن: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [التغابن:٩] يوم التغابن: يوم القيامة، سمي يوم التغابن لأن المفرط المضيع المستهتر، المتهاون المتكاسل ضيع فرصة للعمل فوجد الناس يقبضون الصحف باليمين وهو يقبض صحيفته بيساره، ورأى الناس في ظل عرش الله وهو تلجمه الشمس بحرارتها وعرقه بكثرته، يرى أنه مغبون؛ الناس كاسبون وهو من الخاسرين، حتى الذي كان من الصالحين وفرط وتساهل وضيع يشعر بالغبن، كان بوسعه أن يصلي إحدى عشرة ركعة لكنه لم يصل إلا ركعة واحدة، كان بوسعه أن يقرأ جزءاً لكنه لم يقرأ إلا صفحة، كان بوسعه أن يحفظ مائة حديث لكنه لم يحفظ إلا حديثاً واحداً، يشعر بالغبن أنه لم يقدم كل ما بوسعه وكل ما بطاقته.

ختاماً أيها الأحبة: أسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم ممن أعانهم الله على أنفسهم، ونصرهم على شياطينهم.

اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، ونسألك اللهم العزيمة على الرشد، والفوز بالجنة والنجاة من النار، اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك، اللهم ثبتنا على دينك إلى أن نلقاك، اللهم حبب إلينا الدين والطاعة والاستقامة، وكره إلينا المعصية والفاحشة والمخالفة، اللهم إنا نسألك أن تجعلنا مباركين أينما كنا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.