للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خروج الحسين على يزيد]

خذوا نموذجاً من النماذج التي خرجت على يزيد بن معاوية كانت قاصدة الإصلاح لا غير، خرج الحسين بن علي وتعرفونه أنه سيد شباب أهل الجنة لا نسوق هذا الكلام قدحاً في ذات الحسين أو كلاماً في عرضه رضي الله عنه وأرضاه، والحسين بالمناسبة قد غرر به وخُدِع من قبل أهل العراق فكان في تلك الوقعة ما كان، لما نبأ وفاة معاوية إلى المدينة، كان الوالي على المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، فأرسل الوليد إلى الحسين بن علي وإلى عبد الله بن الزبير فدعاهما إلى البيعة لـ يزيد، فقالا: بالغداة إن شاء الله نبايع على رءوس الناس، ثم خرجا من عنده، فدعى الحسين برواحله وتوجه نحو مكة، وركب ابن الزبير رضي الله عنه وأرضاه برذوناً له وأخذ طريق الفرع، قرية من نواحي المدينة حتى قدم مكة.

واستقر الحسين في مكة وبدأ الناس يفدون إليه ويلتفون حوله ويعظمونه، وبدأت الرسائل ترد عليه من العراق، من الكوفة، يدعونه إليهم لينصروه ويحاربوا به الدولة اليزيدية، وكأن هذه الكتب لاقت أذناً صاغية من الحسين، كانت الولاية لـ معاوية ثم تولى الأمر بعد معاوية يزيد، وكان يزيد غير مرضيٍ في نظر الكثير من التابعين والصحابة رضوان الله عليهم.

الحاصل أن الرسائل وردت إلى الحسين رضي الله من الكوفة يدعونه لنصرته ومقاتلة يزيد، وكأن هذه الكتب لاقت أذناً صاغية من الحسين، فأرسل مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى الكوفة لأخذ البيعة له قبل وصوله، وبالفعل وصل مسلم بن عقيل إلى الكوفة وبدأ يأخذ البيعة للحسين، وبايعه ثمانية عشر ألفاً من الرجال الأشداء الأقوياء ذوي الشوكة والسلاح والآلة، فكتب مسلم إلى الحسين: أن اقدم إلينا فقد بايعنا لك ثمانية عشر ألفاً، وفي ذلك الوقت كان يزيد بن معاوية قد ولى عبيد الله بن زياد على الكوفة فقتل عبيد الله بن زياد -والي يزيد - قتل مسلم بن عقيل بن أبي طالب -رحمه الله- وفي ذلك الوقت كان الحسين في الطريق إلى العراق، ففوجئ الحسين بجيش عبيد الله بن زياد يمنعه من الدخول إلى الكوفة، بل أصر عبيد الله بن زياد يفاوض ويحاور الحسين ويأمره أن يسلم نفسه أسيراً إلى ابن زياد لتسليمه إلى يزيد بن معاوية، وهكذا نشبت على أرض كربلاء معركة غير متكافئة وقاتل الحسين بجيشه الصغير قتالاً شديداً، وكان الحسين رضي الله عنه رجلاً مغواراً شجاعاً ما أقبل على ميمنة إلا فلها، وما أقبل على ميسرة إلا كسرها، وما أقبل على جمعٍ إلا شتته وأباد خضراءه ولكن سنة الله غالبة في كل حال.