للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خروج ابن الأشعث]

وخذوا نموذجاً رابعاً أو خامساً: خرج ابن الأشعث على عبد الملك بن مروان وبدأت هذه الحركة وانتهت في العراق وهي حركة قوية جداً، كادت بعد استفحالها أن تسقط الدولة الأموية وتسقط الخليفة عبد الملك بن مروان، كان الحجاج قد بعث ابن الأشعث على سجستان فثار هناك وخرج أولاً عن طاعة الحجاج ووافقه جيشه، ثم خلعوا عبد الملك نفسه، وأقبل ابن الأشعث في جمعٍ كبير وقام معه علماء وصلحاء لله تعالى، وسبب خروجهم على الحجاج وعبد الملك لما انتهك الحجاج من تأخير وإماتة وقت الصلاة، ولجوره وجبروته، وبايع الناس ابن الأشعث ودخلوا في فتنة جديدة، وكانت بيعته على كتاب الله وسنة رسوله، وعلى جهاد أهل الضلالة وخلعهم، وجعل الناس يلتفون على ابن الأشعث من كل جانب حتى قيل: إنه سار معه ثلاثٌ وثلاثون ألف فارس ومائة وعشرون ألف راجل، ووصل ابن الأشعث إلى العراق وقد قويت حركته جداً، وانضم الناس إليه ودخل البصرة ووافقه على خلع الحجاج وعبد الملك أيضاً جمعٌ من الفقهاء والقراء، ثم بدأت المعارك ونشبت الحروب، بين ابن الأشعث وجيوش الخلافة بقيادة الحجاج، وخرج الحجاج في جنود الشام من البصرة متجهاً لـ ابن الأشعث فنزل تستر ثم التقوا في يوم عيد الأضحى المبارك في نهر دجيل فهزم مقدمة الحجاج وقتل أصحاب ابن الأشعث من جند الحجاج خلقاً كثيراً نحو ألفٍ وخمسمائة واحتازوا ما في معسكرهم من خيلٍ وقماشٍ وأموال، وجاء الخبر بهزيمة أصحابه فقال: ارجعوا إلى البصرة فإنه أرفق بالجند، فرجع الناس وتبعتهم خيول ابن الأشعث لا يدركون شاذاً إلا قتلوه، ولا فاذاً إلا أهلكوه، ووقعت عدة وقائع بين الحجاج وابن الأشعث وكانت أكثر الجولات لصالح الخارج ابن الأشعث، وأشهر الوقائع بينهم وقعة الزاوية، ووقعة دير الجماجم ووقعة مسكن، وفي آخر الأمر انهزم جيش ابن الأشعث وانفلت جموعه وفر ابن الأشعث ومن معه راجعاً إلى سجستان رحمه الله ومن معه رحمة واسعة.

رجعوا إلى سجستان الموقع الذي خططوا فيه للثورة والخروج، وأسرف الحجاج في قتل الناس فلم يقدر على أسيرٍ أو على أحدٍ اشترك في المعركة إلا قتله، وقتل كثيراً من العلماء قتل المحدث العالم الجليل ابن أبي ليلى، وقتل سعيد بن جبير رحمهم الله، وقد نقل أن الحجاج قتل يوم الزاوية أحد عشر ألفاً ما استبقى منهم إلا واحداً، كان ولده في كتاب الحجاج، ونقل أيضاً أن الحجاج قتل أربعة آلاف في موقعة مسكن وعن هيجان بن حسان أنه قال: بلغ ما قتل الحجاج صبراً مائة وعشرين أو مائة وثلاثين ألفاً، هذه نهاية هذه الحركة كنهاية ما سبقها.