للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم العمل بالأحاديث الضعيفة والمنسوخة]

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى وتمسكوا بسبب عزكم وأمنكم ورخائكم وثرائكم وطمأنينتكم وسعادتكم، تمسكوا بالإسلام وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها؛ وكل محدثةٍ بدعة؛ وكل بدعةٍ في الدين ضلالة؛ وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار عياذاً بالله من ذلك.

أيها الأحبة: هناك أمور في دين الإسلام دلت عليها النصوص من القرآن والسنة؛ فلا خلاف فيها أبداً، وأمورٌ دلت عليها نصوصٌ من السنة والقرآن ووردت نصوصٌ لم تثبت أو هي في حكم الضعيفة أو في حكم المنسوخة لا يجوز العمل بها، وإنما يجب العمل بما ثبت وبما صح وبما هو راجح، وأمورٌ في أمور الناس لم يشهد الشارع لها باعتبارٍ لها ولا بإلغاء، فهي عامة لم يرد فيها أمرٌ ولا نهي، وهي التي تسمى بالمصالح المرسلة، فحينئذٍ يجوز للناس أن يجتهدوا في أمور المصالح المرسلة بما يخدم مصالحهم، والمصلحة عند من يرى جواز الاستدلال بها دليلٌ حيثما وجدت، فإذا كانت المصلحة في ذلك الزمن مفسدةٌ في هذا الزمن فلا يجوز الاستدلال بالمصلحة، ولذلك ربط أهل العلم لما قالوا: إن مما يجوز الاستدلال به المصالح المرسلة في أمورٍ ليس فيها دليلٌ من القرآن والسنة، قالوا: ومن الذي يقرر في المصلحة؟ يقررها علماء الإسلام فهم الذين يقولون: في هذا مصلحة وليس في هذا مصلحة، أو في هذه نفعٌ وفي هذا مفسدة، فحينما نقول: إن الشريعة جاءت بأمورٍ والاختلاف فيها واسع ولولا الخلاف لما رأينا هذا الفقه بهذه الدرجة وهذه المنزلة وبهذا نكذب على عقول الناس، وبهذا نخدع شبابنا، ونخدع طلاب جامعاتنا، ونخدع رجالنا، ونخدع أمتنا، فنقول لهم: إنا نتكلم معهم بمنطق الدين والشريعة، ولكنا في الحقيقة نحادثهم بمنطق الخداع والعبث على الدين والشريعة، ينبغي أن ننتبه لذلك، فإذا كانت الأمور قطعية الدلالة، قطعية الثبوت، فحينئذٍ لا مساغ للخلاف فيها، وحينما تكون الأمور ظنية الدلالة أو الثبوت، ولكن رجحت أو جاء ما يرجح دلالتها وثبوتها فإنها تعتبر ديناً ندين الله به، وعملاً نتعبد الله به، ونستبعد ما سواها حتى لا يقول قائل: الربا في القرآن محرم، ولكن يقول الدكتور الفلاني: يجوز التعامل بالربا بهذه الصيغة وبهذه الطريقة؛ لأن هناك دليلاً نقول: حتى وإن جاء دليلٌ فقد يكون موضوعاً أو منسوخاً بالذات مسألة الربا كل دلالاتها واضحةٌ قطعيةٌ بفضل الله جل وعلا.

أو مسائل أخرى حينما يأتي من يقول: يجوز للمرأة أن تتبرج أو أن تخرج أو أن تكشف إلى آخره ويستدل بدليل ويأتي الآخر بدليل، نقول: حتى ولو جئت بدليل فإذا كان دليلك منسوخاً أو إذا كان دليلك مرجوحاً أو إذا كان دليلك ضعيفاً وهذا دليلٌ مرفوعٌ صحيحٌ راجحٌ ثابتٌ وأجمعت عليه الأمة، فما الذي يجعلني أترك ما أجمعت عليه الأمة وهو الصحيح الثابت الراجح وأنتقل إلى المرجوح والضعيف رغبةً في تقليد الغرب ومحاكاة أهل الحضارة الغربية.

لا.

أيها الحبيب: ينبغي أن نكون على مستوى العقل، فخذوا مني نصيحة: إن هذا الأمر دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، لا تقبل الكلام في أمور الدين إلا من عالمٍ قد وثق بعلمه، وحصلت الطمأنينة إلى تقواه وعبادته، إلى عالمٍ لا تجره الدنيا ويطرده حرمانها، خذوا النصيحة من عالمٍ من العلماء الأجلاء، وهل على هذه البسيطة فيما أعلم أجل وأكرم وأعلم وأتقى وأخوف بالله ولله من سماحة الشيخ ابن باز، وعددٍ من العلماء حوله في هذه البلاد المباركة، أنا لا أقول أن علماء العالم في مصر أو في سوريا أو في أي مكانٍ من الأماكن أنهم فساق أو فجار، أو من لم يكن سعودياً فليس بعالمٍ، لا.

لكن فيما عرفت وعلمت وعرفنا واطمأننا إلى أن هذا العالم وعددٌ من العلماء فيهم خيرٌ وبركة، أولئك الذين نطمئن إلى دينهم وتقواهم فليكونوا مرجعنا فيما تحدث فيه الزوبعة والبلبلة بسبب تشويش من لا علم له ولا خلاق له، هذه نصيحة إن الدين تسألون عنه أمام الله جل وعلا، وأما طاعة فلان أو القناعة بصوت فلان أو برأي فلان، فذلك إن لم تحاسبوا عليه أو تعذبوا عليه فلن يكون سبباً في دخولكم الجنة أو نجاتكم من النار، إن الأمر دين وإن الأمر أمرٌ تموت عليه، ويكون معك في القبر وتبعث به وتحاسب عليه، وبه تدخل الجنة أو النار فلا نتهاون بأمر الدين في حالٍ من الأحوال.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم دمر أعداء الدين اللهم أبطل كيد الزنادقة والملحدين، اللهم من أراد بنا سوءاً فأشغله في نفسه واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميره، اللهم من أراد بالأمة خلافاً وفرقة وشتاتاً وفزعا اللهم أفزعه في قلبه، اللهم آته الجنون والمس في عقله، اللهم من أراد بالأمة فتنة فلا تقم له راية، اللهم ترفع له راية، اللهم من أراد بالأمة فتنة فأرنا فيه عجائب قدرتك، اللهم من أراد أن توجه هذه الأمة على غير وحيٍ من كتابك وسنة نبيك اللهم أرنا فيه عجائب قدرتك، وافضحه على رءوس الخلائق، وعجل خزيه وعاره وفضيحته ومصيبته بين الخلائق أجمعين، اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اهدهم، اللهم اجمع شملهم، اللهم أصلح ذات بينهم واجمع قلوبهم، اللهم لا تفرح عليهم عدواً، ولا تشمت بهم حاسداً، اللهم سخر لنا ولهم ملائكة السماء برحمتك وجنود الأرضين بقدرتك، واجمع شملنا وإياهم على ما يرضيك يا رب العالمين، اللهم اجعلنا ممن قال فيهم نبيك: (خير أئمتكم الذين تدعون لهم ويدعون لكم) اللهم اجعلنا من أولئك يا رب العالمين، اللهم لا تدع لأحدنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مبتلى إلا عافيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا حيران إلا دللته، ولا غائباً إلا رددته، ولا أسيراً إلا فككته، ولا كسيراً إلا جبرته، ولا ميتاً إلا رحمته ولا تائباً إلا قبلته، ولا أيماً إلا زوجته، ولا عقيماً إلا ذريةً صالحةً وهبته، بمنك وكرمك يا أرحم الراحمين.

اللهم توفنا على الإسلام سعداء واحشرنا في زمرة الأنبياء، اللهم توفنا راكعين ساجدين، اللهم اقبضنا إليك غير خزايا ولا مفتونين، اللهم اجعل خير أيامنا يوم نلقاك، واجعل خير أعمالنا خواتمها، اللهم لا تقبضنا على خزيٍ ولا فاحشةٍ ولا معصيةٍ ولا في سبيل معصية يا رب العالمين يا أرحم الراحمين، اللهم خذ بأيدينا، وخل بيننا وبين ما يسخطك، اللهم خذ بأيدينا إلى ما يرضيك، اللهم حبب إلينا شرعك وبغض إلينا معصيتك، وبارك لنا فيما أبحت يا رب العالمين، اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وجداتنا، اللهم اجمعنا بهم في جنتك، وفي دار كرامتك، في دارٍ لا يزول نعيمها ولا يتفرق أحبابها، اللهم من كان منهم حياً فمتعه بالصحة والعافية على طاعتك، ومن كان منهم ميتاً فجازه بالحسنات إحساناً، وبالسيئات عفواً وغفراناً.

اللهم انصر المجاهدين في أفغانستان وفلسطين والفليبين وأرتيريا، وفي كل مكان، اللهم انصر المجاهدين واجمع شملهم ورصاصهم ووحد صفوفهم، واجمع قادتهم وأقم دولتهم.

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:٥٦] اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبيك محمد صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وارض اللهم عن بقية العشرة وأهل الشجرة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم أغثنا، اللهم إن ذنوبنا كثيرة وعفوك أكثر، وإن معاصينا كبيرة ورحمتك أكبر، اللهم لا تمنع عنا الغيث بذنوبنا، اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً سحاً طبقاً نافعاً مجللاً غير ضار، اللهم اسق العباد والبهائم والبلاد، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، نستغفرك اللهم ونتوب إليك، اللهم اغفر لنا وأجب دعاءنا واسقنا وأغثنا.

إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.