للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خوف الصحابة الراشدين من ربهم]

أما الصحابة رضوان الله عليهم وفيهم من شهد له الرسول بالجنة، وهم بالجملة من أثنى الله عليهم في كتابه؛ فخوفهم من جلال ربهم عظيم، لقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول: [يا ليتني كنت شجرة تعضد ثم تؤكل] وكان رضي الله عنه يقول: [وددت أن أقدم على الله يوم القيامة لا لي ولا علي].

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأل حذيفة أمين سر رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل عدني رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين) وكان رضي الله عنه يسمع الآية فيمرض فيعاد أياماً، وقرأ ذات يوم في صلاة الفجر: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [المدثر:٨] فبكى ونشج نشيجاً عجيباً فعاده الصحابة أياماً في بيته من شدة ما أصابه من خشية الله وخوفه، وكان في وجهه خطان أسودان من البكاء.

وكان أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه يقول: [وددت أن كنت كبشاً فذبحني أهلي فأكلوا لحمي وحسوا مرقي] وقال عمران بن حصين: [يا ليتني كنت رماداً تذروه الرياح].

ويقول علي بن أبي طالب: [والله لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما أرى اليوم شيئاً يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً بين أعينهم أمثال ركب المعز، قد باتوا لله سجداً وقياماً يتلون كتاب الله، يراوحون بين جباههم وأقدامهم، إذا طال القيام سجدوا، وإذا طال السجود قاموا، فإذا أصبحوا فذكروا الله عز وجل مادوا كما يميد الشجر في يوم الريح، وهملت أعينهم حتى تبتل ثيابهم، والله لكأن القوم باتوا غافلين].