للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَمُّ الشيخ ابن باز

أما همه رحمه الله فقد كان يحمل هماً واحداً هو دين الله ونصرته، وإعلاء كلمته في أنحاء المعمورة شرقاً وغرباً، لذا -أيها الأحبة- عاش زمانه وعمره كله لم يأخذ إجازةً ولو يوماً واحداً، ولا يكاد ينام في يومه وليلته إلا قرابة أربع أو خمس ساعات، أما الباقي من هذه الساعات، ففي ذكر وعبادة، ونشر علم وإفتاء، وقضاء حوائج المسلمين، رحمه الله رحمة واسعة، وجعله مع النبيين والصديقين، والشهداء والصالحين، وجمعنا به في ظل عرشه حيث أحببناه في الله يوم لا ظل إلا ظله.

هذي المكارم لا تزويق أبنيةٍ ولا الشبوبُ التي تكسى بها الجدرُ

والعلم إن كان أقوالاً بلا عملٍ فليت صاحبه بالجهل منغمرُ

لكنه العلم يسمو من يسود به على الجهول ولو من جده مضر

زاره رجلٌ من موريتانيا، قال: فأضافني أياماً، وعجبت من دأب الشيخ وجلده على حوائج الناس، والكتابة لهم، وضيافتهم، والجلوس في حلق العلم، وتعليم الطلاب، ومذاكرة المسائل، قال: فسألته مرةً، وقلت: سألتك بالله يا شيخ وأنت قُرب التسعين: كيف تصبر على ما لا يطيقه أبناء الثلاثين والأربعين؟! قال: فأعرض عني، ثم سألته ثانيةً وثالثةً حتى شددت عليه بالسؤال قائلاً: سألتك بالله يا شيخ! كيف تطيق هذا كله؟، فقال: يا ولدي! إذا كانت الروح تعمل فالجوارح لا تَكَلُّ.

إذا ما مات ذو علمٍ وتقوى فقد ثلمت من الإسلام ثلمه

وموت الحاكم العدل المولى بحكم الأرض منقصة ونقمه

وموت فتىً كثير الجود محلٌ فإن بقاءه خصبٌ ونعمه

وموت الفارس الضرغامِ هدمٌ فكم شهدت له بالنصر عزمه

وموت العابد القوام ليلاً يناجي ربه في كل ظلمه

فحسبك خمسةٌ يُبكى عليهم وباقي الناس تخفيفٌ ورحمه

وباقي الخلق خلق رعاع وفي إيجادهم لله حكمه

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.