للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نماذج من القهر والتسلط على الأبرياء العزل في كشمير]

وهاكم نماذج من القهر والتسلط على الأبرياء العزل في كشمير المحتلة: في قرية كنام بوشي بورا، في ليلة الثالث والعشرين من شباط فبراير عام: (١٩٩١م) -واسمحوا لي أن أنقل هذه التواريخ بالميلادي- دخل القرية مئاتٌ من جنود الكتيبة الرابعة التابعة للفرقة (٦٨) مشاة، وفي ليلة باردة أُخرج السكان من منازلهم، وأوقف الأطفال والرجال والنساء في ملابس نومهم في العراء، وهم ينتفضون ويقشعرون من البرد، ودقت ساعة الصفر، فدخل الجنود ينهبون ويحرقون ويغتصبون؛ فحطموا الأبواب وطافوا بالبيوت واغتصبوا ثلاثاً وخمسين امرأة؛ أصغرهن: الطفلة ميشرا البالغة من العمر ثلاثة عشر عاماً، وأكبرهن: العجوز جانا البالغة ثمانين سنة، وكل واحدةٍ من الثلاث والخمسين امرأة تعرضت للاغتصاب الجماعي المتتابع المتوالي.

وهاكم قصةً أليمةً لمسلمةٍ انتهك الهندوس عرضها، فكتبت هذه الرسالة تقول فيها: نحن أخواتكم بين براثن الجنود الهندوس منذ أكثر من أربعين سنة، تُنتهك أعراضنا ليلاً ونهاراً، يتعاقب عبدة البقر على عوراتنا، غير أننا منذ سنتين بدأ الهندوس في مزيدٍ من هذه الأفعال، وبصفة جماعية ووحشية، وكم انتظرنا من إخواننا في العالم الإسلامي أن يهبوا لنجدتنا كما قام محمد بن القاسم الثقفي لنجدة مسلمةٍ في السند، ولكننا عندما لم نجد ولم نرَ أي استجابةٍ لصرخاتنا ظننا أن المسلمين لا يعرفون عما حدث بنا، ولا يدرون عما حل بنا على أيدي الهندوس فقررت أن أكتب هذه الرسالة.

تقول المسلمة المغتصبة الهاربة: قررت أن أكتب هذه الرسالة، وأضعها في عنقي وألقي بنفسي في نهر جيلم لعل جثتي أن تصل إلى كشمير الحرة، أو إلى باكستان، وتصل الرسالة معها إلى إخواننا في العالم الإسلامي.

وبالفعل لقد وُجِدت تلك الجثة الغريقة طافيةً على شاطئ النهر، وُجِدَت في كشمير الحرة، ونُشِرت الرسالة في الصحف الباكستانية، ونُشِرت في الصحف الإسلامية، وتُلِيت على أسماع المسلمين وكان ماذا؟

تسعون ألفاً لعمورية التهبوا

واليوم تسعون مليوناً وما بلغوا نضجاً وقد عُصِر الزيتون والعنبُ

وأما تصفية قادة المسلمين في كشمير: فقد قتل الشيخ محمد فاروق إمام أكبر مسجدٍ في كشمير، أطلق عليه الرصاص في مكتبه بوابلٍ من الطلقات، وعندما شيع المسلمون جنازته لم يقف الحقد الهندوسي في الحياة، بل تبعه حتى بعد فراق الحياة وبعد الممات، أطلقت الشرطة الهندوسية على مشيعي الجنازة بل وعلى الجنازة فوق النعش نيرانها وقتلت الكثير من مشيعي الجنازة.

وأما إخصاء المسلمين وتحديد نسلهم وتهجيرهم وتوطين الهندوس مكانهم كما يفعل اليهود الآن في فلسطين: فحدث عن هذا ولا حرج.

أيها الأحبة: لقد نشطت الجمعيات الهندوسية الداعية إلى تكفير المسلمين وردتهم عن دينهم، وكثفت جنودها في كثيرٍ من المناطق التي يسودها الجهل، وحققت بعض ما تصبوا إليه، إذ ارتد حتى الآن أكثر من (مائتي ألف مسلم) حسب الإحصائيات الواردة، ولا يملك المسلمون في الهند إلا القلق والأسى أمام إخوانهم الذين يرونهم يرتدون وهم عاجزون أن يقدموا لهم شيئاً.

أما هذه الواقعة التي ستسمعونها الآن فتهيئوا بجأش ربيط، وصبروا مشاعركم لاستماعها: استغاثة إلى الضمير من أحد الكشميريين الذين ابتلوا على أيدي مفترسي الهندوس.

يقول المظلوم: في لحظاتٍ غير بعيدة دخلت فرقة من قوات الأمن الحدودية، دخلت بيتي كأنها حيواناتٌ مفترسةٌ من الغابة، وكنت الرجل الوحيد في البيت، أردت الفرار لإنقاذ حياتي ولكن وجدت العافية في إلقاء القبض علي لما رأيت الأسلحة في أيديهم، كنت الرجل الوحيد بين يدي أطفالي وزوجتي، أخرجوني من البيت ثم ربطوا الرباط على عيني، وربطوا يديَّ خلف ظهري وزوجتي وبناتي وأطفالي كلهم ينظرون ويصرخون لهول هذا المشهد، ولكن لم يستطيعوا أن يقدموا شيئاً من شدة الرعب والوحشية، أدخلوني في الشاحنة بعد أن غطوا عينيَّ وربطوا يديَّ، والشاحنة كانت مليئةً بشباب كشمير المسلم، والصراخ والأنين يمزقان نياط القلوب، والجنود يسبون ويضربون بأطراف البنادق، فجأةً علت صرخة مؤلمة حين ضُرِبَت جمجمة المسلم الكشميري بعقب البندقية، فسقط على ظهره مغمىً عليه، ضحك الجنود وقهقهوا؛ لأنهم يتمتعون بهذا المشهد، وكانت الشاحنة تتوجه إلى مقرها المجهول، وما كان لنا إلا أن نتحمل ضربات البنادق، وكان هؤلاء الظالمون يمشون أحياناً على جثث الناس، ثم يدوسون أجسامنا بأحذيتهم، وقفت الشاحنة بعد مسافة استغرقت الساعات، وبدأنا ننتظر مصيبةً جديدةً متوقعة، ما علمنا عن مكان وجودنا إلا بأصوات الطائرات كأننا بجوار مطار سرنغار، كانت أيدينا مربوطة والعيون مغطاة غير مفتوحة، فكيف ننزل من الشاحنة، هذا ما كنت أفكر به حين ضربني أحد الجنود بقدمه وركلني من ظهري فسقطت على كومة الناس كما يلقى كيس الدقيق، ثم تتابع سقوط الآخرين علينا، وأثناء سقوطي شعرت أن في فمي حصاة ملحٍ، نُقِلْتُ في هذه الحالة إلى غرفةٍ حيث وجدت أنني وحيد، وأخرجت من فمي حصاة الملح، ولكنني وجدتها سناً من أسناني فما كان الملح في الفم إلا الدم الذي سال بسبب نزع السن لأن الإصابة كانت شديدة، وفجأةً ضرب أحدهم بساق البندقية على رأسي، فساد الظلام في عيني، ثم وقعت على الأرض مغمىً علي، ولما استعدت الوعي وجدت رجلين، واحداً يمسكني من اليدين، والآخر من القدمين، ونثرا في عيني مسحوق الفلفل فبدأت أتململ من شدة الألم، طلبت شربة ماء، فقيل لي: أتريد ماءً ردد ونادِ وادعُ إلهك الذي تسبح به، ادع إلهك وردِّد كلمةً يرددها المسلمون، يريدونه أن يقول: (لا إله إلا الله) فأخذ يصرخ بملء فيه: (لا إله إلا الله، لا إله إلا الله) فقيل له: قف، فقد دنا وصول الماء إلى فمك، وما هي إلا لحظات إلا وجنديٌ هندوسي يبول في فم هذا المسلم، ثم علقوه من رجله إلى سقف الزنزانة والصرخات كانت ترتفع من كل جانب، يقول: شَمَمْتُ رائحة احتراق اللحم، كانوا يطفئون السجائر في أجسام السجناء، والسجين ينادي بصوتٍ عالٍ: الله الله والجنود يستفسرون منه: أين ولدك يا حمار؟ والشيخ يتضرع إليهم بقوله: ابني لم يعد منذ سنتين ولا أعلم عنه شيئاً، أنا أبٌ لأربع بنات، ارحموني لله، فيرد الهندوسيون بقهقهة وهم يتمتعون بتعذيبه: هل تأتي لنا ببناتك لو أطلقنا سراحك؟ ثم ضرب أحدهم الشيخ بقدمه فيسقطه مغمياً عليه، ثم تنبعث رائحة احتراق الشعر، كان الظالمون الهندوس يحرقون لحية الشيخ، ولما بدأ هذا الحريق يشتعل في لحية الشيخ وبلغ وجهه وأخذ يصرخ تقدم أحدهم يطفئ الحريق ببول يبول به على وجه الشيخ.

إلى الآن يقول هذا المسلم: كنت معلقاً وأشعر بأن الدم يجتمع في رأسي ووجهي، وكاد رأسي ينفجر، ولما أفاق الشيخ الذي بجواري من الإغماء، طلب الماء للوضوء، فقال أحدهم: قم وتوضأ بالبول يا حمار.

ثم تقدم الوحشيون إلى شيخٍ آخر، وقالوا له: يا حمار لقد قُتِل ابنك، ولو سلمت إلينا بنتك لأطلقنا سراحك، ثم بصقوا على وجه الشيخ واحداً بعد الآخر، ثم مزقوا لباسه وأظهروه يجرون سوءته، ويسألونه ويقولون: أين كلاشينكوف ولدك؟ كان معظم المعتقلين يقضون حوائجهم من الغائط في أحذيتهم، أما الماء فيقدم في الصباح قليلاً وفي المساء قليلاً في آنيةٍ مملوءةٍ ممزوجةٍ مقذرةٍ بالبول والغائط.

ولا تسل عن عدد الشيوخ والصالحين المسلمين الذين نراهم يهانون بإظهار عوراتهم وسوءاتهم أمام الآخرين، أنواعٌ وألونٌ من الهوان.

وبعد هذا يقول: نقلنا بالطائرة إلى مدينة جامو، وكنا ثلاثين شاباً، بعد الخروج من المطار وصلنا إلى مركز التفتيش، حيث كانت جماعة من المفترسين في انتظارنا.

ثم ماذا جرى علينا من أنواع التعذيب بعد ذلك؟ ألقونا في حافلةٍ ونحن في حالة إغماء، وعاد إلينا الوعي حين مررنا من سوق جامو والجيوش يصبون علينا ألوان النجاسة من البول والغائط والماء الفاسد، وهنا ازدحموا وبصقوا علينا وركلونا، وقالوا لنا: مبروك التحرير، خذوا الحرية، وذوقوا لذة الاستقلال.

بعد ذلك: وصلنا إلى مركز تعذيبي في جامو وواجهنا أشد أنواع التعذيب في أول وهلة، كووا أجسامنا بقضائب متأججة، وأدخلوا شموعاً مشتعلةً في بطون الشباب، وأنواعاً من الحديد ملتهبة في أدبار الرجال، وكانوا يسوقون الإسطوانات الثقيلة على الأجساد، ومن أنواع الأذى كانوا يجرون الأجفان، والألسنة، والشفاه، وشعر اللحى، وبعد شهرٍ كامل تركونا على شوارع سرنغار في ليلةٍ باردة، سلبوا منا النقود وسلبوا منا كل شيء وبعد ذلك رموا بنا في الشارع، ولما عدنا إلى بيوتنا علمنا أن أقاربنا قد قتلوا، والشباب ألقي القبض عليهم، والنساء المسلمات اغتصبن وانتهكت أعراضهن، وسمعت وعلمت أن كثيراً من النساء ألقين بأنفسهن من سطوح المنازل حفاظاً على أعراضهن في عملية دخول الجنود للقرية، وعملية اغتصاب الأطفال والنساء.

لماذا يذبحون ونستكينُ ولا أحدٌ يرد ولا يُبينُ

أللإسلام نسبتنا وهذا دم الإسلام أرخص ما يكونُ

تغوص خناجر الهندوس فينا وينحرنا التسلط والجنونُ

ونحن نغط في نومٍ بليدٍ وتضحك من بلادتنا القرونُ

وإن المؤمنين بكل أرضٍ شريدٌ أو سجينٌ أو طعينُ

لقد ضاقت سجون الأرض فيهم وما ضاقت بهندوسٍ سجونُ

دم الإسلام مسفوحٌ فمن ذا يرد له الكرامة أو يصونُ

تحاصرنا المجازر كل يومٍ وتهدم في مرابعنا الحصونُ

فكم من مسجدٍ أضحى يباباً وعاث به التهتك والمجونُ

نباد نباد والأموال فينا على هلعٍ يضن بها الضنينُ

فلا خيل الفتوح ت