للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم تعاطي السحر]

أما حكم السحر والساحر فالسحر كفر وتعاطيه كفر ولا يجوز.

من الأدلة على ما ذكرناه آنفاً قول الله عز وجل: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة:١٠٢] وجه الاستدلال: أن الآية رتبت الحكم وهو الكفر على الوصف المناسب وهو السحر، وهذا مشعر بأن العلة في الكفر هو السحر، ومن الأدلة في نفس الآية قول الله عز وجل: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة:١٠٢] الآية.

وفي الآية التصريح بأن تعلم السحر كفر، قال النووي رحمه الله: عمل السحر حرام وهو من الكبائر بالإجماع، وقد عده النبي صلى الله عليه وسلم من السبع الموبقات، ومنه ما يكون كفراً ومنه ما لا يكون كفراً، بل يعد من الموبقات والكبائر المهلكة العظيمة، فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي الكفر فهو كفر وإلا فلا، وأما تعلمه وتعليمه فحرام.

والسحر المجازي وإن لم يبلغ مبلغ الكفر إلا أنه حرام لما فيه من إفساد عقائد العامة، فإن العامي إذا شاهد ما يفعله الساحر من أمور غريبة لا يعرف سببها ربما اعتقد في الساحر شيئاً من صفات الربوبية فيهلك بذلك.

أذكر مرة في كوالالمبور في ماليزيا أننا دخلنا سوقاً وكان معنا بعض الإخوة على إثر زيارة في مهمة، فدخلنا سوقاً من الأسواق فوجدنا الناس قد اجتمعوا على امرأة، فرأينا عجباً وقلنا ما هذا التجمع على المرأة، فجئنا لننظر لماذا يجتمعون، فإذا بهم يجتمعون حول امرأة ساحرة تفعل أشياء فقلت: لأحد الإخوة قف أمامها وسأقف بجوارها أو خلفها وليقرأ كل واحد منا آية الكرسي، والله يا إخوان لما بدأنا نقرأ آية الكرسي تلخبط الأمر في يديها وأخذت تهرش وتمرش في جسمها وشعرها وجلدها وأخذت تتلفت وشعرت بأن من حولها ما يفسد ما تقوله وما تدبره على هؤلاء الحضور.

ثم تضاحكنا عجباً من أن هذا الساحر أمره ضعيف، وكيده في تباب، وأمره في ضلال وخسار، لا يستطيع أن يأتي شيئاً بقوة السلاح الذي تحمله وهو أسماء الله وصفاته، آية الكرسي، القرآن العظيم الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وحينئذٍ فإنك بإذن الله عز وجل تستطيع أن تسلم وأن تعصم نفسك من شر هذا السحر وأنواعه.