للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الطرق الشرعية في الوقاية من السحر والسحرة]

أولاً: السحر شرك وعلاجه التوحيد، فمن أراد أن يُشفى أو يداوي مريضاً من السحر فعليه أن يعمق في قلبه قضية لا إله إلا الله، واللجوء إلى الله، والتضرع إلى الله، وأنه لا يكون شيء إلا بتدبير الله، وأنه لا يفعل أحد شيئاً لم يأذن به الله، ولا يستطيع أحد أن يقرب ما بعّده الله، أو يقبض ما بسطه الله، أو يعطي ما منعه الله، أو يدفع ما قدره الله، إذا اشتعل وتألق الإيمان والتوحيد والعقيدة في قلب الإنسان فإنه بإذن الله يكون من أعظم أسباب وقايته وشفاءه من السحر.

ثانياً: ومن السبل أيضاً: الاستعاذة بالله عز وجل: فإن السحر فيه نزغات، والله عز وجل يقول: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [الأعراف:٢٠٠] {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ} [المؤمنون:٩٧].

ومعلوم أن القواقل: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق:١]، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس:١]، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:١]، من أعظم الأسباب التي يدفع بها السحر بإذن الله عز وجل.

ثالثاً: تقوى الله.

رابعاً: الصدق مع الله عز وجل، الصدق مع الله سبحانه وتعالى، وأعجبني قصة فتاة كانت ممبتلاة بألم في رجلها أو في ساقها وفخذها وطلبوا الأطباء وأعيتهم الحيل، فجاءهم رجل عرفوا أنه مشعوذ ساحر فيما بعد، لكنه قال: أريد منكم أن تفعلوا كذا وتأتوا بكذا وتقولوا كذا وتذبحوا كذا، فقالت الفتاة: إن أراد الله أن يشل قدمي الأخرى ولا أفعل ما يقول هذا الساحر، فما أجمل التقوى وما أجمل التسليم، وما أجمل الانقياد لله عز وجل.

وقد يبتلي الله عبداً من عباده ببلاءٍ عظيم كما في الحديث: (لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يخرج من الدنيا وما عليه خطيئة) قد يقدر الله على عبد بلاء من أنواع البلاء أو سقماً من أنواع الداء والسقم ليرفع درجاته وليكفر سيئاته، لمنزلة لا يبلغها بعمله، لكن الله اختار له منزلة، فبلغها بصبره على هذا البلاء، الشاهد أن الصبر والتقوى من خير ما يدفع به السحر {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} [الطلاق:٢] {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً} [آل عمران:١٢٠].

خامساً: العناية بالصدقة والإحسان فإنها من الأسباب التي تدفع البلاء والسحر والحسد بإذن الله عز وجل.

سادساً: الإكثار من قراءة القرآن والأدعية المأثورة، يقول ابن القيم: ومن أنفع علاجات السحر: الأدوية الإلهية، بل هي من أدويته النافعة بالذات، فإنه من تأثيرات الأرواح الخبيثة السفلية ودفع تأثير هذه الأرواح الخبيثة السفلية يكون بما يعارضها ويقاومها من الأذكار والآيات والدعوات التي تبطل فعلها وتأثيرها، وكلما كان أقوى وأشد كان أبلغ في دفع السحر، وذلك بمنزلة التقاء جيشين، مع كل منهما عدته وسلاحه فأيهما غلب على الآخر قهره وكان الحكم له.

ثم يقول ابن القيم كلاماً جميلاً يكتب بماء الذهب: فالقلب إذا كان ممتلئاً من الله، مغموراً بذكر الله، وله من التوجهات والدعوات والأذكار والتعوذات ورد لا يخل به، يطابق فيه قلبه لسانه كان هذا من أعظم الأسباب التي تمنع إصابة السحر له.

ومن أعظم العلاجات له بعدما يصيبه، لكي نحمي أنفسنا أيها الأحبة من هذه الشرور علينا أن نلهج بذكر الله، وألا تزال ألسنتنا دائماً لاهجة بذكر الله سبحانه وتعالى، وهناك أذكار بعينها تدفع الشر بأنواعه منه السحر، فمن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب -يعني كمن أعتق عشر رقاب- وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت حرزاً له من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل مثل عمله أو أكثر من ذلك) الحديث متفق عليه.