للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لا خيار إلا الجهاد]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار، عياذاً بالله من ذلك.

أيها الأحبة: تصبروا ولو تصبب العرق على أجسامكم فقد صُبَّ الرصاص على إخوانكم.

قد يقول قائل: لماذا يَزُج المسلمون بأنفسهم في حروبٍ سابقةٍ لأوانها، ومعارك غير متكافئة، أو لا نجد فيها على الأقل أوليات وأسس العمل العسكري، حتى إذا اصطلى المسلمون بلهيب المعركة صاح الصائحون، وناح النائحون، يبكون بالدموع ويتحدثون بالدماء عما حل بهم على إثر تلك المواجهة الجائرة؟ الجواب على هذا أيها الأحبة يتضح حينما نسأل ونقول: وهل ترك الأعداء للمسلمين شيئاً يخافون عليه؟! هل بقيت مساحة لم تلوث بالقتل والسلب والاغتصاب والاعتداء؟! ماذا بقي للمسلمين حتى يحافظوا عليه في كشمير بدعوى العقلانية والاتزان؟! هل بعد ذبح الأئمة، وهدم المساجد، وإخراج الناس، واغتصاب العفيفات حيزٌ لمصلحةٍ أو مكاسب يحافظ عليها المسلمون حتى لا يدخلوا في الجهاد مع أعدائهم؟! وإلى متى العيش في ذلٍ وهوان؟ حتى يخرج الغائب صاحب السرداب.

وهل في السرداب أحد؟! وإلى متى هذا كله؟! لأجل هذا لم يكن أمام المسلمين خيار في إعلان الجهاد، حتى ولو أدى وأفضى إلى مُضِي الأرواح والدماء والأشلاء في الطريق؛ لتكون وقود المعركة الحاسم، ومعالم في طريق الفجر المرتقب.

وما الذي يضير الأمة أن تبذل العشرات والمئات أو الآلاف من دمائها وأموالها بإرادة واختيار، وعزةٍ واستشهاد؛ ليجني الملايين ثمرة هذا الغرس الطاهر الذي سُقِي بالدماء، ليجنوا ثمرتهم نصراً وتمكيناً، فيعبدوا الله وحده لا شريك له؟! إذا كان الدم في كشمير ثمناً لا بد من تقديمه، ولا بد من بذله ضريبةً على الإسلام، فلأَنْ نبذل الدماء في الوقت الذي نريد، وفي الزمن الذي نريد، وعلى المساحة التي نريد، وفي المعركة التي نريد، خيرٌ آلاف المرات من دماءٍ تسفح رغماً عن أنوف أصحابها.

لست بهذه الخطبة أدعو إلى شن هجومٍ شامل، أو حربٍ مباغتة، فهذا أمرٌ يقدره المرابطون عن قرب، المصطلون بجحيم المعركة الملتهبة على ذلك السطح البارد في أرض كشمير، وما أخال أولئك المرابطين قد فعلوا هذا أو أقدموا عليه إلا بفتوى من علماء المسلمين الذين يعنيهم الأمر، يقدرون معها رجحان المصلحة على المفسدة، وأياً كان الواقع في كشمير المحتلة؛ جهاداً، أم إعداداً، أم حرباً شاملة على المشركين والوثنيين، فإننا وإياكم لا نعذر أبداً في الإعداد للمعركة قبل بدايتها، وما دامت قد بدأت فهذا يحملنا مسئولياتٍ جسام أن نتخذ مواقعنا في كل مكانٍ منها.