للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عدم الخضوع للكبير والإجلال للعالم]

كذلك أيها الإخوة من مظاهر الغرور الذي نجده كثيراً في أنفسنا وما أجمل الصراحة! كلٌ يسأل نفسه هل هذا يوجد فيه أم لا؛ سواء ما قلناه أو ما سنقوله؟ عدم الخضوع للكبير والإجلال للعالم وطالب العلم؛ تجد البعض يقول: لماذا أنتظر هذا العالم؟ أنا في خير، أنا عندي فلوس وعندي مال وأكل وشراب، في حين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة) هذا رجل شاب في الإسلام، فإن من إجلالك لله سبحانه وتعالى؛ أن تكرم شيبة شابت في الإسلام، بغض النظر عمن شاب في الإسلام على علم وعلى دعوة وعلى جهاد، وعلى الأمور الحميدة التي تشهد لصاحبها بكل خير وفضل وسابقة إحسان، فمن مظاهر وجود الغرور في النفس أن تجد هذا لا يخضع للكبير ولا يجل العالم، ولا يحترم كبير السن، وهذه مصيبة من المصائب.

الناس الذين يحبون لله وفي الله إذا كان لديهم شيخ من المشايخ الكبار الأجلاء، تجدهم هذا يسلم، وهذا يبدي مشاعره، وبعضهم ينظر من بعيد والله أعلم ما الذي في قلبه، كأنه ليس عنده استعداد أن يجل هذا الرجل الذي بلغ خمسين سنة أو بلغ ستين سنة.

وقد تكون المسألة أحياناً مسألة توازن فيما يتعلق بالمستوى الاجتماعي، أو من نفس الأسرة أو المنطقة، لكن ما هو الذي فضله علينا؟ وهذا أمرٌ قاد أبو جهل إلى أن يدفع الحق ولا يقبله، لما قابل النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم، قال: يا محمد! إني أعلم أن ما جئت به حق، ولكن ماذا نفعل إذا أطعمتم الحجيج وأطعمنا، وسقيتم وسقينا، وأكرمتم وأكرمنا، حتى إذا كنا وإياكم كفرسي رهان وتجافينا على الركب قلتم منا نبي! من أين نأتيكم بنبي؟ فبالمقابل نحتقره حتى يظهر من أسرتنا واحد، وفي تلك الساعة نرفع الرأس بأمر واحد، ومن خالط الناس ودقق في أحوالهم، وجد أن هذا موجود.