للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حب المدح والثناء من الناس]

السؤال

أنا عندما اختلط بناس لا أعرفهم، أحاول أن أجمل أخلاقي وأحسنها، وأحاول ألا أحد يتكلم بشيء ينزل بقيمتي، وعندما أختلي بنفسي أحاسبها على ذلك، ويعجبني إذا كان أحد يمدحني وأنا أسمعه، وأتراءى له كأني لم أسمعه، فكيف أتخلص من تلك الظاهرة السيئة جزاكم الله خيرا؟

الجواب

على أية حال -يا أخي- فالنفس مولعة بحب العاجل، كثير من الناس يحب الثناء والمديح، لكن إذا كان الإنسان يفعل أعماله من أجل أن يثنى عليه، فهذا رياء ومحبط للعمل، لأنه لا يفعل الشيء ابتغاء وجه الله، بل ينتظر من الناس أن يمدحوه وأن يثنوا عليه، وإذا جاء وقت لا تمدحه الناس ولا تثني عليه سيحزن، ولن يفعل شيئاً، وهذا لا يصلح، فينبغي للإنسان أن يحاسب نفسه.

ثم يا أخي! أي عمل من الأعمال أنت تبذله فسوف يكون هناك مشقة وارتباط، فجهدك ومشقتك وارتباطك بدلاً من أن يضيع هباءً منثوراً، احتسب واخلص نيتك لله سبحانه وتعالى.

ثم يا أخي! هب أن كل من في القاعة مدحوك، هل قدموك إلى الآخرة درجة؟! وهب أن من في القاعة ذموك هل ردوك عن الجنة؟ إذاً لا تنتظر الثناء والمديح من أحد، والذي يغرق في حب الثناء والمديح فهو في خطره شديد، وقد يقع في الرياء ولا حول ولا قوة إلا بالله، لكن إذا فعلت أمراً محموداً، ثم أثني عليك بعد ذلك فلا حرج عليك، ولو أعجبك ذلك كما ورد في الحديث لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يفعل الخير، فيحمده الناس على ذلك فيعجبه، فقال صلى الله عليه وسلم: (تلك عاجل بشرى المؤمن) هو أساساً ما فعل هذا الفعل لكي يمدحوه، هو عمل عمله ابتغاء مرضات الله، فأثنى الخلق على عمله، فتلك عاجل بشرى المؤمن بالرضا والقبول، فلا حرج في ذلك، أما أن تشتهي هذا وتحب أن يمدحك الناس وأن تكون دائماً في الطليعة: (رحم الله امرءاً إن كان في الساقة كان في الساقة، وإن كان في الميمنة كان في الميمنة، وإن كان في الميسرة كان في الميسرة).

يا أخي! إن كنت داعية إلى الله بحق خالصاً مخلصاً لا يهمك أين تكون على الخشبة، أو وراء الباب، أو خلف الستارة، أو خلف البوابة، المهم أن يكون عملك لله، وأن يمضي لك عمل بينك وبين الله سبحانه وتعالى، إذا بلغت هذه الدرجة؛ فأنت على مرتبة من الإخلاص، أما إذا كان لا يحلو لك الحديث إلا تحت الأضواء، فهذا خطر عظيم فراجع نفسك وحاسبها.