للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الصراع دائم بين الحق والباطل]

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الأحبة في الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

من دواعي الغبطة والسرور أن يأذن الله عز وجل ويكرمنا بلقاء أحبابنا وإخواننا وزملائنا وأبنائنا جميعاً في لقاء المحبة والأخوة والنصيحة، وفي لقاء التواصي بالصبر على كل عملٍ نافعٍ رشيدٍ وقولٍ سديد.

أيها الأحبة في الله: قبل أن أتبوأ مكاني هذا؛ أكرمني فضيلة الشيخ سعد جزاه الله خيراً بزيارةٍ وكان معنا أحد الأخوة الأفاضل من رجال الأمن الشامل، واطلعنا على ما تميزت به ثانويتكم المباركة؛ من سبقٍ نافعٍ في إيجاد هذا المعرض الذي يحذر الشباب من مغبة معصية الله عز وجل؛ إن الكلمة الجامعة لكل ما رأيناه في زوايا وفي ثنايا هذا المعرض النافع المفيد، ينطق صارخاً ليقول: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه:١٢٤] فالحياة الضنك والمعيشة النكد، والحشر السيئ في الآخرة لا شك أنه ثمرةٌ لمعصية الله عز وجل والإعراض عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فيا أحبابي: يدور بنفسي الآن كلمة؛ بين القنوات الفضائية والأغاني الماجنة والمجلات الخليعة والأفلام المفسدة وجلساء السوء ودعاة الضلال ومروجي المخدرات الذين يصدون عن صراط الله المستقيم، من جهة، ومن جهةٍ أخرى الكلمة التي ربما تأتي تارةً ضعيفة، وتارةً قوية، وتارةً توأد في مهدها وفي بدايتها، وتارةً تشق طريقها ثم تقف عند عمدٍ معين، ولكن تبقى الكلمة هي السلاح الذي نفهم به كل ما ينفعنا ونحذر به كل ما يضرنا، ذلكم أننا في عصر الصراع؛ صراعٌ بين الصوت والصورة والكلمة المفسدة الماجنة من جهة، وصراعٌ من طرفٍ آخر تقوم به وتجاهد به الكلمة الناصحة الصادقة، الكلمة الطيبة كشجرةٍ طيبة، أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حينٍ بإذن ربها.

إن الباطل صورٌ شتى، وألوانٌ عديدة، وأشكالٌ لا تنتهي، وهيئاتٌ تتجدد، وأما الكلمة الصالحة، الكلمة الطيبة، تبقى هي الكلمة ولا يزيدها مضي الزمان إلا تعمقاً في جذور الأرض، وإشراقاً وثمراً وينعاً ونفعاً لعباد الله عز وجل أجمعين.

أيها الشباب: كأني بقائلٍ يقول: ماذا يفعل أستاذ المواد الدينية؟! ماذا يقول هذا الشيخ الذي يخطب يوم الجمعة؟! ماذا يقول هذا الأستاذ الذي يزورنا اليوم ليلقي محاضرة؟! ماذا يقول هذا الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟! ماذا يقول رجل مكافحة المخدرات؟! ماذا يقول رجل الأمن؟! لا يملكون إلا كلمة، وأمام الباطل بصوره وفساده وأفلامه وقنواته ومجلاته بالغناء الخليع بالمغنية التي تبرز مفاتنها وتغري بحركاتها وتقتل بلحظاتها، ماذا يفعل هؤلاء أمام هؤلاء؟!.

أقول: أيها الشباب! إن هذه الكلمة إذا كانت في مستقبل صدرٍ رحبٍ حيٍ نشطٍ، فإنها تتفاعل بإذن الله عز وجل معه، وإذا صدرت -بإذن الله- من مخلصٍ ناصحٍ صادقٍ محبٍ مشفق، يكون لها أثر بإذن الله عز وجل، ولا يضيركم ولا يخيفكم ولا يزعجكم هذا الصراع القوي بين الباطل بأشكاله وصوره وألوانه وهيئاته وقنواته مع كلمة الحق الداعية الناصحة المعلمة المرشدة، لأن الله عز وجل قال: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً} [الفرقان:٣٣] {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء:١٨] {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} [الإسراء:٨١].