للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اختيار الجليس]

أيها الشباب: من الأمور الخطيرة ألا يفكر الشاب في مستقبله، وألا ينظر إلى مستقبل حياته، لو أن أحداً سافر إلى بلدٍ من البلدان، لا شك أنه يعلم كم سيمكث في هذا البلد، وأين سيسكن في هذا البلد، وما هي ترتيباته وأموره وأعماله في هذا البلد ومتى سوف يعود من هذا البلد!! لكن كثيراً من الشباب وهم الآن في سفر الدنيا:

فاقضوا مآربكم عجال إنما أعماركم سفرٌ من الأسفارِ

نحن في سفر الدنيا، فكثيرٌ من الشباب لا يبالي ماذا يعمل في هذه الرحلة! ماذا يتعلم! ماذا يقدم! ماذا ينتج! ما الذي يقربه من الله! ما الذي يباعده من ربه! ما الذي يسبب له سخط الله عليه! كل ذلك لا يبالي به، ولا يهتم بأي حالٍ من الأحوال، لماذا هذا الأمر؟ تجد الشاب لو قلت له: اشتر شماغاً، قال: لا.

أنا أذهب إلى شارع ثميري؛ لأني أعرف أن هناك شماغات جديدة من نوع بسام، أو من نوع ملكي عجلان ألجنت خطين كلاسيكي جميل، لا يمكن أن أختار غير هذا النوع، يا أخي! هذا الشماغ قال: لا هذه شماغ بخمسة عشر ريالاً أو بعشرين، فتجده ينتقي الشماغ الجيد، الطاقية كذلك لابد أن ينتقيها، لا يمكن أن يلبس (جوطي أو علبة أو غبارة) لا.

يريد أن يلبس طاقية ممتازة من نسجٍ جميل، ومريحة على رأسه، وكذلك الثوب، فيذهب ويدخل محل فلان وعلان، ومحل فلان، ويختار القماش المناسب، لا يقول للخياط: يا أخي! انظر ثوباً على مزاجك وأعطني إياه، لا.

بل أرني هذا القماش، أرني هذا القماش، حتى الحذاء تجده ينظر إلى الحذاء هل يناسب قدمه، أهو واسع أم ضيق، كبير أم صغير، مريح وثمين؟ يعرف حتى حذاءه كيف ينتقيه.

لكنه لا ينتقي جليسه، لا ينتقي صديقه، لا ينتقي الشخص الذي يؤثر عليه ويتأثر به ومنه، أبداً هذا -للأسف- غير موجود عند كثير من الشباب، ينتقي الحذاء، ويختار الشماغ، ويختار الثوب، لكنه لا يختار الصديق؛ أي صديق من الشارع، يكفيه صديق عنده سيارة ديتسن غمارتين، يضرب له بوق السيارة عند الباب بعد صلاة المغرب مع أصحابه فيدعوه إلى أين؟ اركب يا رجل! تفحيط وضجة ولفات ويمين وشمال، يا أخي! يقول المؤذن: الله أكبر، ادخل نصلي، يا شيخ! يوقفك على الصلاة!! يأخذه ويجعله معه في السيارة، والله يا شباب! أنا أعجب حينما أقف عند إشارة مرورية، ثم ألقى هذا الولد قاعداً يلعب، يا رب! ما الذي فيه، عسى أنه يكون من فرقة القرود خرجت من الحديقة، سوف أبلغ الدوريات الآن، ثم أجد أنهم قرود بشرية وللأسف! شباب أشكال غريبة، تقليد للغرب، موسيقى مزعجة إلى أعلى الدرجات، وحالة سيئة، ووجوهٌ كالحة، لم يصلوا، لم يركعوا، لم يسجدوا، لم يسمعوا نصيحة، لم يحضروا محاضرة، لم ينصتوا لخطبة الجمعة، بل قد لا يحضرون لصلاة الجمعة، لا يسمعون درساً، ولا ينتفعون بمقولة، أبداً.

حياتهم أغنية آخر شريط آخر مطرب آخر حفلة آخر مجلة، وهناك أشياء تُدس سراً بالسر، الكيس الفلانية ترى فيها من لوازمك الفلاني لا أحد يراها، والكيس الفلاني فيه حاجتك الفلانية لا يراها أحد، ما عليك المهم الذي تريده موجود عندي، إذا رجعنا الليلة البيت أصرف الشلة وأعطيك الذي تريد.