للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وسائل محاربة الإسلام بالعولمة]

أيها المسلمون! إن أمة الإسلام على اختلاف درجات تمسكها بدينها تواجه حرباً، ولن يرضى الغرب أو الأعداء بقليلٍ أو كثيرٍ أو نوعٍ من التساهل والمجاملة، لكنهم لا يرضون إلا بالتبعية لا يرضون إلا بالذنبية لا يرضون إلا بمبدأ القردة والببغاوات التقليد والترديد، وما سوى ذلك فمرفوض، قال الله تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:١٢٠].

أيها الأحبة: وتشن هذه الحرب الشرسة، بالعبارة الحريرية الناعمة، عبارة العولمة تحت شعار حقوق الإنسان، تحت عبارة الشذوذ والمخالفة للأعراف الدولية، والويل كل الويل، الويل جملةً أو الويل تفصيلاً أو الويل تدريجاً أو الويل مجزأً أو متفرقاً، من جانبٍ واحدٍ أو من جوانبٍ شتى، الويل لأمةٍ تخالف ما أراده الغرب، وتخالف ما سنته وشرعته من قوانينها، نعم -أيها الأحبة- من خالف ذلك -في زعمهم- فهو أصوليٌ إرهابيٌ متطرفٌ لا يمكن أن يعيش في هذا العصر، ولا ينبغي أن تبقى له بقيةٌ أو تقوم له قائمة.

يا أيها المسلمون: إن معركة العولمة قائمةٌ ولا يزال شرها يسري ويجري، وما مؤتمرات السكان التي عقدت في القاهرة وفي بكين إلا مؤتمراتٌ تحضيرية، وجسُ نبضٍ لإعداد قوانين رادعةٍ في المستقبل، تسلط على كل سلوك مخالف، وتردع كل من يخالف شريعة الغرب في إباحية السلوك الجنسي قبل الزواج، وإباحية الإجهاض والتحديد القسري للنسل، بل وإكرام وتدليل الشاذين جنسياً، ومنع أي لونٍ من ألوان التمييز منهم أو الإنكار لسلوكهم، بل وكل من تحدثه نفسه لمعارضة هؤلاء الشاذين، عوقب وجرى إقصاؤه عن بقية القطيع البشري تماماً تماماً كما جرى لدعاة الفضيلة الأوائل، وذكر القرآن شأنهم في خبر قوم لوط: {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل:٥٦].

أصحاب قرية العولمة، يقولون لكل طاهر، ولكل عفيف، ولكل مسلم، ولكل متمسكٍ بالشرع، ولكل مقيمٍ للحج، ولكل من يصر على فصل الرجال عن النساء، يقولون له المقالة الأولى: {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [النمل:٥٦] أخرجوهم من عالم العصر والحضارة والمدنية والتقنية، واجعلوهم هنوداً حمر أو متخلفين في ذاكرة التاريخ وعصوره الحجرية، هل تدركون هذه الحرب؟ هل يعلم شبابنا بهذه القضية؟ شبابنا الذين أهلكوا أوقاتهم أمام قنواتٍ فضائية وقنوات غنائية، وقصص غرامية، ومغامرات ومطاردات ومصارعات غريبة وعجيبة، هل يدرك شبابنا حجم هذا التحدي وحجم هذه المعركة المعاصرة؟ إن القليل من القليل يدركون ذلك:

وقد كانوا إذا عدو قليلاً فقد صاروا أقل من القليل