للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لماذا لا ننقل أسرار التقنية إلى بلادنا]

أيها الأحبة في الله: أعود إلى التحدي الخطير الذي يصدره الغرب للمسلمين وأبنائهم، وهو تحدي نقل أسرار التقنية، نقل أسرار الاكتشافات والمخترعات، يريدون من دول الإسلام أن تبقى مستهلكة لا منتجة، أن تبقى آكلة لا زارعة، أن تبقى مستوردة لا مصدرة، إن صدرت شيئاً سيحاصرونها، وإذا لم يجدوا سبيلا من الحاجة إلى منتجاتها فالويل لهذه الأمم إلا من رحم الله، فالويل لها، سيؤخذ إنتاجها بأبخس الأثمان في ظل معادلات تسويقية ومعادلات اقتصادية تحكمها القوى السياسية، حتى تستورد المواد الخام من بلاد المسلمين بأرخص الأثمان، وتعاد مصدرة إليهم بأغلى الأثمان وأبهضها، ولكن إن التحدي حقيقة هو في القلوب وليس على الأرض، إن التحدي هو في العقول وليس على الأرض، إذا كنت تواجه رجلاً أو تواجه عدواً قد امتلأت استخفافاً به، وقد امتلأت ثقة بحقارته وهوانه، وإنه وإن قتلك فذريتك تقتله، وإن أهانك فذريتك تنتصر عليه، فذلك أمر مهم، أما إذا طغى في النفوس وعلا الران على القلوب بأن هذا العدو لا يقهر لا يبارى لا يجارى لا يتحدى، فتلك هزيمة قبل بداية المعركة، وذلك اختناق قبل أن يخلق الغاز.

أيها الأحبة في الله! هذا التحدي يعيشه كثيرٌ من شبابنا، ولا يزال الكثير يقف أمام نفسه وأمام ما يرى من مكتشفات حائراً يظن أنه لا يمكن أن يقدم شيئاً.

أضرب لكم مثالاً بسيطا: ألستم تروا من أبناء بلادنا الموحدين المصلين الصالحين المصلحين -بإذن الله- من فاق في الطب والجراحة وأدق أمور الصحة كثيراً من الغربيين، حتى إنهم ليتمنون أن يقبل عروضهم المغرية ليهجر هذه البلاد ليعمل في بلدانهم، نعم يسلمون بأن في البلاد في جانب الطب وفي مجالات الصحة، وفي الأبحاث الطبية من يفوقهم وإن كان لديهم الكثير من أمثال هؤلاء، فكذلك بالإمكان أن يتحول الكثير من شبابنا إلى عقول منتجة قادرة على استيعاب الحضارة والآلة المعاصرة، ونقل أسرارها ومن ثم القدرة على تصنيعها.

أيها المسلمون: إنه ليس أخطر على حاضر أمة أو مستقبلها من شيء عليها أن تخرج أجيالاً تقتصر آمالها العاجزة على التلهي بمنتجات حضارة غيرها بل عدوها، بل والتقوت منها بالضرورات من مطعم أو ملبس أو دواء أو سلاح دون مشاركة بالإضافة للإحساس بالقهر والدونية والعجز إزاءها وفي مقابلتها.