للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كلمة موجهة إلى الطلاب قبل الامتحانات]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا عباد الله: اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة في دين الله ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار عياذاً بالله من ذلك.

أيها المسلمون: تحت سعير المونديال ولهيب بدعايته وسياطه المغرية المشغلة للطلبة عن الامتحانات والاستعداد لها، يوشك أو يستقبل أبناؤنا غداً موسماً حافلاً من الاختبارات والامتحانات، وهو مرحلة من مراحل التحدي لكل جيل وفي كل مرحلة وفي كل مجال، والذي نريده من شبابنا وأبنائنا أن يتقوا الله عز وجل، وأن يحتسبوا دراستهم ومذاكرتهم وطلبهم للعلم، وأن يتذكروا قول الله عز وجل: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة:٢٨٢].

شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي

وقال اعلم بأن العلم نور ونور الله لا يؤتى لعاصي

يا شباب الإسلام: عليكم بطاعة الله، عليكم بتقوى الله تفوزوا بعلم الدنيا والآخرة، تجنبوا المعصية فإنها من أسباب حرمان الرزق والعلم، وأحسنوا النية واجتهدوا وجدوا في الطلب، واصبروا وصابروا في كل مجال تدرسونه، في الطب أو الشريعة أو الاقتصاد أو السياسة أو الأنظمة، أو في أي مجال، احتسبوا ذلك عند الله عز وجل، ولا تجعلوا مقاصدكم محدودة في شهادة أو وظيفة، والأمة بأمس الحاجة إلى كثير مما تعلمون وما لا تعلمون، وإلى كثير مما تتعلمون وما لا تتعلمون، ولكن أملنا في الله عز وجل الذي ما خاب من أمله أن يجعل فيكم البركة، وأن يسدد على طريق الخير خطاكم، وأن يعلمكم ما جهلتم، وأن يذكركم ما نسيتم، حتى نتجاوز مرحلة التحدي، ونقول للغرب: إننا أمة مسلمة منذ أربعة عشر قرناً والإسلام هو الإسلام، والقرآن هو القرآن، والسنة هي السنة، وما بقي إلا الرجال فهم في سبيل الجد والطلب والمثابرة والاجتهاد

رحم الله فتىً قد هذب الدين شبابه

ومضى يزجي إلى العلياء في عزمٍ ركابه

مخبتاً لله صير الزاد كتابه

وارداً من منهل الهادي ومن نبع الصحابه

إن طلبت الجود منه فهو دوماً كالسحابه

أو نشدت العزم فيه فهو ضرغام بغابه

جاذبته النفس للشر فلم يبد استجابه

متقٍ لله تعلو من يلاقيه المهابه

رق منه القلب لكن زاد في الدين صلابه

بلسمٌ للأرض يمحو عن محياها الكآبه

ثابت الخطو فلم تطفِ الأعاصير شهابه

جربته صولة الدهر فألفت ذا نجابه

إن يقم يوماً خطيباً يسمع الصم خطابه

أو يسر في الدرب يوماً أبصر الأعمى جنابه

مسلم يكفيه فخراً أن للدين انتسابه

نريدكم هكذا يا شباب الإسلام، واحتسبوا الأمر وأنتم تذاكرون وتستعدون لهذه الامتحانات، ونريدكم أيضاً -يا شباب الإسلام- أن ترتفعوا بأنفسكم إلى مستوى المرحلة، لا أن تقنعوا من المليار بالهلل، لا تقنعوا بعرضٍ حقيرٍ وحطام يسير لتعرضوا به عن جنة عرضها السماوات والأرض، نريد منكم الشهيد والمخترع، والمبتكر، والداعي، والمعلم، والذي ينفع الناس بعد أن ينفع نفسه وأهله وأمته.

نريد من شبابنا أن يرتفعوا بأنفسهم إلى مستوى العلياء الذي يريده الإسلام منهم، وإنا لنحزن حينما نرى شاباً جل همه انتظار مكالمة من صديقته، أو جل همه انتظار موعد مقابلة مع حبيبته، أو جل همه أن يفوز بحطام يسير لا لينفقه في سبيل الله بل لينفقه على شهوته وملذته، إنا لله وإنا إليه راجعون! عظم الله أجرنا وأجركم في شباب هذا همهم وذلك ديدنهم! اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم اهد شبابنا، اللهم اهد أبناءنا وبناتنا، اللهم وفقهم في امتحاناتهم، اللهم يسر لهم العلم النافع والعمل الصالح، اللهم يسر أمورهم، واشرح صدورهم، واحلل عقداً من ألسنتهم، اللهم يا حي يا قيوم اجعلهم هداة مهتدين نافعين للدين والمسلمين يا رب العالمين، اللهم آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجمع اللهم شملنا وشمل حكامنا وعلمائنا ودعاتنا، ولا تفرح علينا عدواً ولا تشمت بنا حاسدا، اللهم صل على محمد وآله وسلم.