للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شبهة والرد عليها]

يا قومنا! يا أصحاب الأطباق! إما أن تقولوا أو نكون أول من يسأل: لماذا ركَّبتم هذه الأطباق؟ سيجيب طائفة كبيرة منهم قائلين: جعلناها في بيوتنا لمعرفة الأخبار لا غير.

وتلك حجة داحضة، دخل الشيطان بها على كثير ممن وضعوا هذه الأجهزة في بيوتهم، فما وجدوا من أوقاتهم لتلك الأخبار إلا قليلاً، أما بقية ما يُعرض في هذه القنوات من أفلام ماجنة، ومسلسلات خليعة، وأغانٍ تعلم الشباب التخلف، وتعلم النساء الترجل والرذيلة، بقية العرض من تلك الأفلام أصبح من نصيب الزوجة والأولاد.

فيا عارف الأخبار! فيا مهتماً بالأخبار! هل أغنت تلك الأخبار عنك من شيء؟ وهل أغنيت عن أحوال أهل تلك الأخبار من شيء؟ وهب أنك تابعت كل خبر، وكل شاردة وواردة، فهل استطعت أن تقدم أو تؤخر شيئاً؟ وحينما استطعت، هل فعلت شيئاً؟ أيها الأحبة! إن كثيراً ممن وضعوا هذه الصحون المستقبلة للبث ما كان حجتهم يوم أن وضعوها سوى قضية الأخبار، مع العزم والإصرار على حجب الأولاد والأسرة عن مشاهدة تلك القنوات، ولكن ما لبث الأمر أن تفلت من يد صاحبه، فما عاد صاحب الطبق الذي أدخل بيته يجد وقتاً للأخبار، وربما أصبح يبحث عن غير الأخبار، ولن أسمي قنوات جديدة فاضحة ضجت منها البيوت، وشكت منها النساء إلى الله خراب أزواجهن، وفساد أبنائهم، ومصيبة بناتهم فيها، انتقلت العدوى إلى البنين والبنات، خاصة المراهقين والمراهقات، فتسللوا لواذاً، واسترقوا النظرات، وتأججت غريزة حب الاستطلاع على هذا الجهاز الذي أسره والدهم في مجلسه أو حجرته إلى أن طغى الماء على الجارية، وتدفق الشر إلى أهل البيت؛ لأن بعض الذين أدخلوا هذه الأطباق إلى بيوتهم يقول أحدهم: إنما الجهاز في حجرتي، أو إنما الجهاز في مجلس معين، ولا يوجد في بقية المجالس، وحاله مع حال أولاده، وهو يدافعهم عن هذا الجهاز الذي أدخله، كقول القائل:

ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماءِ

يقول الله عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم:٦].

ويقول صلى الله عليه وسلم: (كلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته).

فيا أيها المسلم الكريم! إني على يقين مع وجود هذا الطبق وجهاز الاستقبال في بيتك، إني على يقين أنك لا تزال غيوراً على محارمك، محباً لخالقك، ونبيك، ودينك، ولا يسرك أن ترى أولادك أو بناتك يقلدون ما يرون في هذه القنوات، أو يتفرجون على مشاهد مخزية، أو صور خليعة؛ ولكن تبقى الشهوات والغفلة تقلبك بين التساهل بالأمر والتسويف في التخلص منه.

لماذا لا تتخلص من هذا الجهاز، وأنت أدرى بحقيقة حاجتك إليه: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} [القيامة:١٤].

والله إن هذا الجهاز ليس بشراب تشربه حتى تهلك من الظمأ إن عُدم من بيتك، وليس بطعام تأكله حتى تموت من الجوع لو أُزيل من بيتك، وليس بدواء فيه الشفاء حتى تموت من المرض لو أُخرج من بيتك.