للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطره على العقيدة]

فأولها خطره على العقيدة: (الخطر العقائدي): ذلك أن الحقائق المستقرة في نفوس الناشئين خاصة وغيرهم عامة، ذلك أن الحقائق المستقرة في نفوسهم عن ربهم، وعن الغيب، وعن النبوات، وعن الأديان، وعن الملل تتعرض للزعزعة، وتدخلها الشكوك والرِّيَب، بسبب ما يُعرض في تلك القنوات من مضامين متعددة، في قوالب الأفلام والمسلسلات والحوارات والندوات.

ولقد علمتم وربما بعضُكم رأى أن حوارات تدور حول مُسَلَّمات العقيدة وتُطرح قضايا العقيدة، التي لا يجوز الشك والريب فيها للجدال والنقاش؛ لتصبح فرضيات ونظريات تقبل الرد أو القبول أو التطوير، مع كونها مُسَلَّمات لا يجوز أن ترد محل الخيار في القبول أو الرد، فأي خطر أعظم من هذا؟ في قناة فضائية عربية، عُرض فيلم هندي مترجم، ومن مشاهده الأليمة أن طفلاً لما رأى أخته الجميلة قد لدغها الثعبان، هرع مسرعاً إلى صنم، وأخذ يدعوه وينحني له، ويرجوه ويتوسل إليه أن يشفي أخته اللديغة، وإن لم يفعل هذا الصنم فالطفل يقول له -والعبارات بالعربية مكتوبة-: وإن لم تفعل فلن تُعبَد بعد اليوم، ثم عاد هذا الطفل إلى أخته ليجدها قد أفاقت وسلمت من شر الثعبان، وليستنتج الطفل المشاهد أن الصنم قد أجاب الدعاء، وكشف كربة أخته، ودفع المرض والسم عنها، فعاد الطفل إلى الصنم مرة أخرى، وقال له: سأظل أصلي لك شكراًَ على ما فعلت لأختي.

أيها الأحبة! تأملوا ما في هذا المشهد من المصائب الخطيرة: أولها: الكفر بالله عزَّ وجلَّ.

ثانيها: دعاء لغير الله، واعتقاد أن المخلوق يقايظ أو يهدد الخالق إن لم تفعل لم أفعل، وإن فعلتَ فعلت.

أي خطأ أعظم من هذا؟ أن تتعرض حقائق الربوبية الربوبية التي آمن بها كفار قريش، وهؤلاء يعرضونها في طفل يعبد صنماً، ويهدده إن لم تفعل لم أفعل، وإن فعلتَ فعلت، إن لم تشف أخته لم يعبد، وإن شفيت أخته عبد!! أي ضلال أعظم وأخطر من هذا؟! هذا غيض من فيض المشاهد التي تدعو صراحة إلى عبادة غير الله، واللجوء إلى غير الله، وعدم الثقة بالخالق، واتخاذ الوسطاء مع الله، فهل من غيور يخاف على ذريته الشرك، فيبادر بإخراج هذا الجهاز وذاك الطبق؟! لقد تصور كثير من الأطفال تصورات غريبة عن الرب والإله المستحق للعبادة وحده لا شريك له، من خلال تَجسيم تلك الأفلام، وتشبيهها، وتقريبها صورة الخالق بصفات المخلوق، أو تصوير المغيبات التي لا يعلم حقيقتها إلا الله، بصور تفسد مقاصد الرهبة منها، أو الترغيب فيها، ناهيك عن نسج العجائب والقصص عن الأنبياء، أما تعويد نفوس الناشئة على صور الصلبان، ومشاهد الكنائس والطقوس الشركية، فذلك أمر بات معهوداً في جل ما تعرضه تلك القنوات، ولا تسل عن تحبيب الكفار والمجتمع الكافر والأسرة الكافرة إلى نفوس ناشئتنا عبر تلك المشاهد والمواقف التي تحكي السعادة المزيفة، والأنس والحيوية الوهمية من قبل أبطال تلك الأفلام والبرامج، وربما قارن المشاهدون حياة الكفار بحياتهم فوجدوا بَوناً شاسعاً بين التمثيل وما هم فيه من بعض المشكلات، فلا يلبث أحدهم أن يتمنى أن يعيش بين الكفار، ثم يحتقر من حوله من المسلمين؛ لأوهام ما رأى، أليس هذا هدماً للولاء والبراء.

أين البراءة من الكافرين؟ وأين الولاء للمسلمين، والله عزَّ وجلَّ يقول: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة:٧١]؟! والله عزَّ وجلَّ يقول: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال:٧٣] إلا تفعلوا ولاءً أعظم من هذا، إلا تحققوا ولاءً بينكم، كما يحقق الكفار ولاءً بينهم: {إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال:٧٣].

فهل يدرك هذا الخطر إخوانُنا وأحبابنا الغيورون على دينهم وعقيدة أبنائهم، فيبادروا بإبعاد هذا الجهاز وإزالة هذا الصحن؟!