للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تقليد الكفار في اللبس وغيره]

قلتُ في خطبة ماضية: إن من المشاهد المؤلمة التي أصبحت ظاهرة في كثير من الطرقات والأسواق، مشاهد بعض الشباب الذين قلدوا الكفار في لبس قبعة، وذلك اللباس الذي تقسم أنك رأيت مثله يرتديه أبناء الغرب وشبابهم في بلدانهم، ولا أقول: إن لبس القبعة حرام؛ لكن لبسها على وجه مشابهة الكافر، وتقليد الكافر هو الحرام، فقد أُمرنا وسُن لنا وشُرع في ديننا أن نخالف الكفار.

إليك تعدو قلقاً وضِيْنُها

معترضاً في بطنها جنينُها

مخالفاً دينَ النصارى دينُها

أيها الأحبة في الله: يا من يضعون هذه الأطباق في بيوتهم، ويستقبلون ما يعرضه الغرب عبر تلك القنوات! هل رأيتم الغربيين يقلدونكم في لبس ثيابكم، وغُتَركم، وعباءاتكم، أو أي أمر من طبيعة مجتمعكم؟!

الجواب

لا.

بل إن الغرب يجعلون زيكم شعار الجريمة، ويجعلون سمتكم عنوان التخلف في أفلامهم ومسلسلاتهم، فتراهم كثيراً ما يعرضون الزي العربي وزي المسلم، يعرضونه على حال رجل مشغوف بالجواري والنساء، يعبث بالأموال ويسرف بها، يعبث يميناً ويساراً بالمخدرات، متسلط بالسطو والجريمة.

فاسأل نفسك: من المهزوم ومن المنتصر؟ من الذي يقلد الآخر منهما؟ لو قدر لك أن تخالط أحد المنهزمين لأي سبب من الأسباب، لوجدت تقليداً أعمى في كثير من الأمور، لا لشيء سوى أن الغربي يفعل ذلك.

كثير من الفتيان والفتيات اليوم يرقصون ويسمعون ويسهرون ويلبسون ويخرجون ويتحدثون ويتصرفون، بل ويتخذون الكلاب، ويؤيدون الغرب في سلوك حياتهم المرفوضة ديناً وعقلاً، ويفعلون ما يفعله الغربيون، لا لنسب ولا لسبب، سوى الهزيمة أمام هذا الغزو القائم القادم.

أما الأثر الثقافي الذي أحدثته تلك القنوات الفضائية: فحسبك أن تعلم أن نسباً كبيرة من الطلاب قد انحدروا في مستوياتهم التعليمية إلى حد يعجز الكثير منهم عن المواصلة في المجالات النافعة المثمرة والبناءة.

ولا غرابة في ذلك فقد أثبتت الإحصائيات أن كثيراً من الطلاب اليوم يجلسون أمام الشاشة في متابعة القنوات أكثر من جلوسهم في مقاعد الدراسة.

لقد أصبح حتى الكفار يشكو بعضهم من غزو بعض؛ لما رأوا من تأثر شبابهم بما يُعرض في تلك القنوات، على الرغم من تقاربهم في شتى المجالات، ومع ذلك باتوا يشكون هذا الأمر، والخطر على الثقافة والتعليم؛ أفترون أننا بمنأىً عن ذلك الشر؟ لقد وقف رئيس فرنسا وزعيمها يشكو إلى الجماهير من خطر الأفلام الأمريكية، وتسلط المسلسلات الأمريكية على الشباب الفرنسي، ويصيح غاضباً: لماذا استولى الفكر والثقافة الأمريكية على التقاليد الفرنسية؟ بات الكفار يشكو بعضهم من بعض.

إننا لفي أشد خطراً، وأولى بالحذر مما يقع.

لقد أنتجت هذه القنوات جيلاً غريباً، صاغت القنوات الإعلامية فكره، وحددت مساره وثقافته، غالبهم حصرته في الفن والرياضة والأفلام والتمثيل، لقد أنتجت تلك القنوات جيلاً ليس له جلد على البحث والقراءة، أو التطبيق والتجربة أو المشاهدة والاستنتاج.

فيا أيها الغيور! هل ترى ذمتك بريئة في وضعك لهذا الدش وأنت ترى فيه ضياع مستقبل أولادك العلمي والثقافي، في وقت أصبح الحصول على مقاعد الدراسة بالجامعات من صور النجاح التي لا تُنال إلا بالدرجات والمستويات العالية؟! فهل ترى هذا الجهاز يقرب فرص النجاح والقبول لأولادك أم لا؟