للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تطور أساليب الجريمة]

إن من آثار هذا الغزو القائم والقادم: تطوُّر أساليب الجريمة، وانتشار مجالاتها.

لقد كانت الجريمة بدائية بسيطة سرعان ما تنكشف للأدلة الواضحة التي يخلفها المجرم وراءه.

أما الآن فقد تعلم كثير من المجرمين أساليب جديدة، منها ما يعتمد على التفكير المسبق، والتخطيط الدقيق، ومنها ما يعتمد على الفن والتقنية؛ لذا شاع وانتشر عند بعض المجرمين أساليب جديدة في السطو على المنازل، وسرقة السيارات، وترويج المخدرات، هذا مع إدراكنا وعلمنا أن بلادنا هذه ولله الحمد أقل البلدان على وجه الأرض من حيث وجود الجريمة ونوعها؛ لكن هذا لا يمنع من خطر الغزو القادم في هذا المجال، والتأثر به، ولو لم يكن من خطر هذا البث سوى تصدير أنواع الأفلام التي لا تمر على الرقابة الإعلامية، ومن ثم بيعها وترويجها، لكان كافياً في إفساد أمن المجتمعات وأخلاقها.

وإذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتماً وعويلاً

إنما الأمم الأخلاق ما بقِيَتْ فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا

لقد أشارت إحصائيات أُجريت في أسبانيا إلى أن (٣٩%) من الأحداث المنحرفين قد اكتسبوا أفكار العنف من مشاهدة الأفلام والبرامج العدوانية.

وذكر بحث عن السلبيات في التلفاز العربي أن (٤١%) ممن أجري عليهم الاستبيان يرون أن التلفاز يؤدي إلى انتشار الجريمة و (٤٧%) يرون أنه يؤدي إلى النصب والاحتيال.

لقد تعلق بعض الشباب بالسفر إلى الخارج لما رأوا من مشاهد وصور خدعتهم بزيفها وبريق باطلها.

فظن بعضهم أن السعادة والأنس في تلك البلاد التي رآها عبر تلك القنوات، سيما وقد رأى صور النساء الفاتنات في الدعاية، يدعونه ويُغرونه، ويغمزون ويضحكون له في الشاشة؛ للسفر إلى تلك البلاد.

فلا تعجب يوم أن ترى بعض الشباب يعمل مدة، ثم لا يجد بعدها شيئاً يدخره أو يجمعه، لقد أنفق كل ما ادخره بلا اختيار، تحت سياط الدعاية الملحَّة؛ لإخراجه من بلاده الآمنة المطمئنة، إلى بلاد يجد فيها الخنا والفساد والخمور؛ حيث لا رقيب ولا حسيب.