للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الدنيا أهم أسباب الغفلة]

نحن في غفلة عظيمة، غفلة في الدنيا عن الآخرة، وذلك -وايم الله- جماع المصائب وبؤرة الحرمان، وقال صلى الله عليه وسلم في هذا: (من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة) رواه ابن ماجة وابن حبان والإمام أحمد رحمهم الله.

الذين يتشاغلون وهم في غفلة لأجل ماذا هذه الغفلة؟ ولأي غاية هذه الغفلة؟ تجد جواب الحال إن لم يجيبوا بلسان المقال، تجد جواب الحال: أن غفلتهم من أجل دنياهم.

وما علموا أن اشتغالهم بأمر الدنيا يشتت عليهم أمورهم، ويجعل الفقر بين أعينهم، ولا يزيد لهم في قسمة الله التي قسمها لهم من أرزاقهم، ولو أنهم جعلوا الهم والغاية والمنى والقصد في مرضاة الله عز وجل لجمع لهم كل ما تشتت، وجعلت الدنيا تتبعهم رافضة ذليلة تلحقهم، وتكفل بشئونهم وأمورهم، وكما قال صلى الله عليه وسلم: (من جعل الهموم هماً واحداً هم المعاد كفاه الله سائر همومه، ومن تشعبت به هموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك) رواه الحاكم وأبو نعيم في الحلية.

يقول ابن عباس رضي الله عنهما: [ما انتفعت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم منفعتي بشيء كالذي كتب به إلي علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذ قال: أما بعد: فإن المرء يسره درك ما لم يدركه فليكن سرورك بما نلت من أمر آخرتك، وليكن أسفك على ما فات منها، وليكن همك لما بعد الموت].