للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بيان من تتوجه إليه المطالبة وتعدد الضمناء]

ونلاحظ أن كثيراً من الناس حينما يكون ضامناً أو كفيلاً وتتوجه المطالبة عليه ابتداء يضجر ويجزع ويشتكي، ويقول: لم لا تطالبون من ضمنته أولاً، ثم إذا عجز عدتم إليّ!! ألا وإن المقرر والمعمول به في المذهب، والمعمول به هنا أن لصاحب الحق مطالبة من شاء منهما؛ (الضامن والمضمون) وإن هذا الحق ليثبت في ذمة الضامن في حياته، ويثبت في تركته بعد مماته، من قوة وشدة الضمان.

إذن: ينبغي لكل مسلمٍ أن ينتبه لهذا الأمر، وألا يزج بنفسه فيما لا طاقة لها به، فالله جل وعلا يقول: {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا} [البقرة:٢٨٦] فالله جل وعلا قد علمنا هذا الدعاء وينبغي أن نمتثله، وهو جل وعلا القائل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:١٦].

فينبغي للإنسان ألا يتحمل شيئاً يجر البلاء عليه، وقد يجر البلاء على نفسه فتُباع داره التي يسكن فيها، وقد يؤخذ ماله من بين يديه وهو يرى، من جراء هذا الضمان الذي لم يقدر له قدره، أو يحسب له حسابه، وإن الضامن لا يبرأ أبداً إلا إذا برئت ذمة المضمون عنه؛ إما بإبراء صاحب الحق له، أو بقضاء المضمون عنه لذلك الدين، أو لتحويل الدين حوالةً تبرأ بها الذمة، وأما غير ذلك فلتعلموا أن الضامن ملزوم ملتزم بالحق في حياته ومماته إذا لم يكن الإبراء.

وإذا تعدد الضمناء لم يبرأ أحدهما ببراءة الآخر، ألا وإن ذلك معناه: أن إنساناً ما قد يكون مطلوباً في دينٍ معين، فيتقدم اثنان أو ثلاثة لضمان ما عليه من الحق، فإذا جاء صاحب الحق وأبرأ أحدهما فإن الاثنين الباقيين لا تبرأ ذمتهما إلا بإبرائه لهما، أو بأدائهما ذلك الحق، وليس لأحد الضامنين أن يقول: مادام فلان قد برئ فأنا أبرأ بالتبع، إن ذلك لا يمكن أبداً فالتفتوا لهذا الأمر.