للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاغتسال يوم الجمعة]

خذ أيضاً من كنوز يوم الجمعة من اغتسل يوم الجمعة كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه مسلم عن أبي هريرة: (من اغتسل يوم الجمعة، ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، ثم يصلي معه؛ غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام) وبعض الناس يقول: ما دام هذا كافياً إذاً لا داعي للصلاة مع الجماعة، ولا داعي إلى العناية بكثير من الأمور ما دامت هذه تغفر، لا، هنا مسألة الإصرار على الصغائر كبائر، ترك الصلوات من أعظم الكبائر، التهاون بالصلوات مما توعد عليه بويل: (وهو وادٍ في جهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لذابت من حره).

فيا أخي الكريم: لك أجرٌ عظيم بهذا، ووالله هذا الحديث الذي سأتلوه عليكم الآن قلبت وأعدت وسألت بعض طلبة العلم عن الرجال وبحثت عن الرجال رجلاً رجلاً يعني: أمر عجيب من عظم الأمر العظيم الذي يترتب على هذا الحديث، قال صلى الله عليه وسلم: (من غسل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، واستمع وأنصت ولم يلغ -بعض الروايات ليس فيها: ومشى ولم يركب- كان له بكل خطوة يخطوها من بيته إلى المسجد عمل سنةٍ أجر صيامها وقيامها) الله أكبر! كم بينك وبين المسجد مائة خطوة، ربما أجرت أجر مائة سنة، وهذا الحديث رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن ورجاله ثقات.

قال النووي في شرح المهذب معنى غسَّل: يروى غسل بالتخفيف والتشديد والأرجح عن المحققين التخفيف والمختار أن معناه: غسل رأسه ويؤيده رواية أبي داود في هذا الحديث: (من غسل رأسه يوم الجمعة واغتسل) وإنما أفرد الرأس بالذكر؛ لأن الناس قريباً كانوا يجعلون في الرأس الدهن والخطم ونحوهما وكانوا يغسلون الرأس أولاً ثم يغتسلون، وقيل المراد: غسل أعضاءه ثم اغتسل وقيل: غسل أي: جامع أهله قبل الخروج إلى الصلاة؛ لأنه يعين على غض البصر في الطريق، يقال: غسل الرجل امرأته بالتخفيف أو غسلها أي: جامعها.