للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من سعة رحمة الله عدم مضاعفة السيئات بعكس الحسنات]

الله جل وعلا حينما تفعل حسنة من الحسنات لا يضيعها، ولا يجعلها تذهب هباءً منثوراً إذا حافظت عليها ولم تضيعها؛ لأن من الناس من يفعل الحسنات ويعطيها الناس، إنسان يصلي الفجر مع الجماعة، افرض كتبت له ألف حسنة، ثم صلى الظهر مع الجماعة وكتبت له ألف حسنة، ثم تصدق بعد الظهر بألف ريال وكتبت له ألف حسنة، -على سبيل المثال- جمع الرجل ذلك اليوم ثلاثة آلاف، لكنه بعد صلاة العشاء عاد يعلب البلوت، ومع اللعب يدخل في السباب والشتام واللعان، تنتهي اللعبة وقد استهلك بسبب اللعان والشتائم والكلام الزور الذي لا يرضي الله جميع حسناته، عنده ثلاثة آلاف حسنة ذهبت خمسمائة حسنة أثناء اللعب، ثم يجلس ويلعب الحجر ويأخذ المعسل ويبدأ مع زملائه بالغيبة: فلان ما فيه خير، وفلان فيه كذا، وفلان وفلان حتى استهلك ثلاثة آلاف وخمسمائة حسنة، بمعنى: أنه كتبت عليه أربعة آلاف سيئة من بعد المغرب إلى الساعة الثانية عشرة من الليل، والرجل جمع الصباح ثلاثة آلاف حسنة، فخرج ذلك اليوم عليه خسارة قدرها ألف حسنة؛ لأن الرجل جمع ثلاثة آلاف حسنة وفعل أربعة آلاف سيئة، والله جل وعلا من رحمته يقول: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً} [النساء:٤٠].

من بركات هذا الدِّين أن السيئة سيئة والحسنة حسناتٌ تتضاعف، لكن الذين يعاجلون الحسنات، بعض الناس منذ أن يعمل حسنة يتبعها بسيئة، نحن أولاً متى نعرف أن الحسنة قبلت؟ متى نعلم أن هذه العبادة قبلت حتى تكتب لنا بها حسنة؟ فليس كل من صلى كتبت له الحسنات، إن من الناس من يدخل الصلاة فلا يكتب له إلا نصفها إلا ثلثها إلا ربعها، ومن الناس من يخرج من الصلاة لم يكتب له منها شيء، بمعنى أنه يؤدي الركوع والسجود ويحضر الجماعة فقط ليسلم من الإثم لكن قد لا يكسب حسنات يكبر: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:٥] وقلبه في درج المدير.

وفيما يروى أن موسى عليه السلام قال: يا رب! إن عبدك فلان يدعوك فلا تستجيب له، فقال الله: يا موسى! إنه يدعوني وقلبه عند ماله.

لو أن أحدكم يكلم المدير أو الضابط أو الرئيس وتنظر بعينك إلى وجهه، وقلبك عند الغنم أو عند الإبل، ولله المثل الأعلى، ولا نقيس الخالق بالمخلوق، لكن حتى تعرف أن المسألة ليست مجرد أفعال بل هي أفعالٌ وعبادة قلب، فمن حضر قلبه نفعته عبادته بإذن الله جل وعلا.