للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسباب أخرى للهلاك]

من الناس من يهلك نفسه ويصر على الهلاك بأن يرى أن الناس هؤلاء كلهم ليس فيهم خير ولا أمل أن ينجوا أو يتوبوا ولا يدخل أحد منهم الجنة ولا يبقى إلا هو فتجده متنطعاً متشدداً، حتى يأتي اليوم الذي ربما مل من العبادة فعصى الله ولا حول ولا قوة إلا بالله على بصيرة! وقد سمعنا بأناس عجباً لشأنهم تجده يتقرب إلى الله بما ليس من أسباب القربة، التقرب إلى الله يكون بما شرع الله جل وعلا.

أيضاً إذا انتشر الفساد وكثر الخنا والخبث فإن ذلك من علامات الهلاك، قالت عائشة: (أنهلك وفينا الصالحون يا رسول الله؟ قال: نعم.

إذا كثر الخبث) والخبث هو الزنا ودواعيه، فإذا رأيتم البلاد ينتشر فيها ما يدعو ويقرب إلى الزنا، ويتيح الاتصال الممنوع بين الرجال والنساء عبر كل صعيدٍ ومجال فذلك نذير الهلاك ولا حول ولا قوة إلا بالله! ومن علامات الهلاك: ترك الإنفاق في سبيل الله، كان الصحابة في غزوة فحمل أحد المسلمين على الروم، فقال الناس: أما هذا فألقى بيده إلى التهلكة، فقال أبو أيوب الأنصاري: نزلت فينا نحن معاشر الأنصار لما نصر الله نبيه؛ كنا أهل ضياعٍ وزراعة، فقلنا: لو عدنا إلى زراعتنا وضياعنا، فأنزل الله جل وعلا: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة:١٩٥].

إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوىً متبعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فاعلم أنها من علامات الهلاك، إذا وقف الصائح يصيح تبرعوا للمسلمين الذين ذبحوا ذبح الشياه، تبرعوا للبوسنة والهرسك تبرعوا لـ أفغانستان، تبرعوا لـ كشمير، تبرعوا للفليبين، تبرعوا لـ بورما، تبرعوا لـ أرومو، تبرعوا لكذا، ورأيت الناس يمرون معرضين لا يبالون، وإذا نظروا إليه يبيع أحذية بريالين سارعوا إليه معرضين عن الإنفاق في سبيل الله مقبلين على عرضٍ تافه من الدنيا حقير.

فهي خطيرة جداً ومن الذي يدعى إلى ذلك إلا الذي يجد فضلاً من المال، أما الذي لا يجد إلا ما يكفي نفسه وأولاده فلا حرج عليه: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة:٩١].