للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تواضعه صلى الله عليه وسلم في عشرته مع أهله]

ولا تسل عن لين معشره، ولا تسل عن عذوبة خلقه صلى الله عليه وسلم، وما أحوجنا أن ندرس ونقرأ ونبحث ونفتش، وأن نقلب عن دقائق وزوايا وجوانب في حياته صلى الله عليه وسلم تدل على أنه يرفع الكلفة بينه وبين زوجته، يمازحها، يداعبها، يرقق لها الخاطر، يلين لها الكلام، يسعدها ويؤنسها! وكما قلت آنفاً: فإن منا من تراه عذب اللسان مع الناس ولكن إذا دخل بيته سلقهم بألسنة حداد أشحة على هذا الخلق الحسن.

فلماذا يا عباد الله؟ من لين عشرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قالت عائشة: [كان الحبشة يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيد، قالت: فاطلعت من فوق عاتقه صلى الله عليه وسلم فطأطأ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم -طأطأ منكبيه- فجعلت أنظر إليهم من فوق عاتقه حتى شبعت ثم انصرفت] هذا النبي صلى الله عليه وسلم يطأطئ بعاتقه وعائشة على بني أرفدة تتفرج -على الأحباش- وهم يلعبون بالحراب، والنبي قد طأطأ كتفه لها وهي متكئة ومعتمدة على منكبه صلى الله عليه وسلم.

أين نحن من ذلك؟ لو جاءت زوجة أحدنا أو صغيرة أحدنا تريد ذلك لقال: اذهبي وابتعدي، خذي كرسياً أو أي شيء غير هذا؟ لطف ورقة ولين وعذوبة في المعاملة، هذا هدي نبينا، وهذا شأن نبينا صلى الله عليه وسلم.

ومن تواضع وعذوبة لطفه صلى الله عليه وسلم ما تقوله عائشة قالت: [كانت تلعب بالبنات -ومعنى البنات: هي الدمى التي لا صورة لها، أي: لم ينقش لها عين ولا أنف ولا فم وإنما هي دمىً تحشى بالقطن معروفة- تقول عائشة: كنت ألعب بالبنات فكان صلى الله عليه وسلم يأتي بصواحبي يلعبن معي] يخرج النبي صلى الله عليه وسلم فيجد البنيات الصغيرات أتراب عائشة رضي الله عنها فيدعوهن ويدخلهن.