للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تواضعه صلى الله عليه وسلم في كراهيته للقيام له]

ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه مع حب الصحابة له كانوا إذا رأوه لا يقوم له أحد منهم لما يعلمون من كراهيته لذلك، كان يكره إذا قدم أن يقوم له الناس، ويكره أن يقوم الناس على رأسه صلى الله عليه وسلم من شدة تواضعه، ونحن -أيها الأحبة- على مستوانا معاشر العامة والمساكين! لو دخلنا مجلساً ثم رأينا الناس جالسين ما قاموا لقلنا: لماذا قلة الأدب؟ لماذا قلة الأخلاق؟! أما دخل إنسان عليهم؟! لماذا لم يتمثلوا قياماً؟! ونسينا (من أحب أن يمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار) نعم إذا كان من عادات قومه وأعرافهم وجميل أخلاقهم ومعاملتهم أن القادم أو أن الداخل يوقف له، وخشينا أن يظن أن ذلك من الاحتقار، وخفنا أن يقذف الشيطان في قلبه سوءاً فلا بأس أن نقوم له من غير تعظيم، ولكن من باب التحبيب وطرد وسوسة الشيطان، مع أن للقادم حقاً خاصة إذا كان قادماً من السفر:

فلما بصرنا به مقبلاً حللنا الحبا وابتدرنا القياما

ولما جاء سعد بن معاذ قال صلى الله عليه وسلم للأنصار: (قوموا إلى سيدكم) احملوا سيدكم، وأنزلوا سيدكم المهم أنه كان صلى الله عليه وسلم في قمة وغاية التواضع الذي نكاد أن نفقده حتى مع الفقراء والعالة، ومع السوقة والمساكين إلا من رحم الله، فضلاً عمن عنده ريال أو ريالات أو دينار أو ديناران.