للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الفتور وعلاجه]

السؤال

ما هو علاج الفتور؟

الجواب

الفتور يطرأ على كثير من الناس، بل قلَّ أن يسلم منه أحد، ولكن للنفس نشطة وفترة.

وينبغي للإنسان -إذا فتر- ألا يسمح للفتور أن يتجاوز حد ترك الواجبات، بمعنى: أنه قد يفتر الإنسان؛ لكن لا يكون هذا الفتور إلى حد ترك الصلاة مع الجماعة، أو ترك السنن المؤكدة، كالوتر، والرواتب، أو الوقوع في الفواحش والمنكرات والمعاصي.

لكن في النشاط بعض الليالي يجد في نفسه نشاطاً فيصلي أحدى عشرة ركعة، بعض الأيام يصوم كثيراً أو يقرأ من القرآن كثيراً لكن قد يفتر.

وخير ما يعينك على مجاهدة الفتور: هذه الوجوه الطيبة: قد يقول بعض الشباب: أنا أخشى على نفسي النفاق.

نقول له: كيف؟ يقول: يا أخي! إذا جئت مع الطيبين أجد نفسي متحمساً، ولو قالوا نصوم السِّنة كلها لصمنا، ولو قالوا: نقوم الليل كله لقمناه، وو إلى آخره، ولكني آتي في البيت ربما لا أصلي كذا، ولا أوتر بكذا، وربما يجاهدني أهلي في بعض الصيام، أو في بعض العمل.

أقول لك: لا يقولن لك الشيطان: هذا نفاق، بل ذلك من تشجع النفس وحماسها ورغبتها في الحق، إذا كثر الأخيار خنس الشيطانبإذن الله من مجالس الذكر، لكن الإنسان حينما يخلو يجثم الشيطان عليه.

فخير ما لك هو قول الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الكهف:٢٨].

يا إخوان! لا تظنوا أن أحداً يسلم من الفتور خاصة إذا بَعُد عن أحبابه في الله، حتى الدعاة إلى الله الذين قد يدعون ويذكرون الناس هم أنفسهم لو انقطعوا عن الناس في أمر الدعوة لأصابهم من الفتور ما يصيبهم، ولذلك لا تقل: أنا سأذهب أقول للشيخ الفلاني: تعال لتلقي علينا محاضرة، وهو راعي الفضل، لا.

اذهب قل له يلقي محاضرة وأنت راعي الفضل عليه بعد الله، لأنك كما يُذَكِّرك أنت تذكره، كما يدعوك أنت تدعوه، كما يعينك أنت تعينه، وإن كانت القضية قد لا تكون ظاهرة لديك.

المسألة الثانية: كثرة ذكر الله عز وجل:- أكثر من ذكر الله، أكثر من الاستغفار، أكثر من التسبيح، أكثر من التهليل، حتى لو جعلت في يدك شيئاً يذكرك بالله.

الشيخ ابن عثيمين سئل ذات مرة في (نور على الدرب) -وأوصي الشباب أن يستمعوا لهذا البرنامج كثيراً- سئل سماحة الشيخ ابن عثيمين عن رجل يستخدم السبحة، يقول: وأنا لا أعتقد أن فيها مزيد فضل؛ ولكنني أعدُّ بها العدد.

فقال الشيخ: لا بأس باستخدامها، والتسبيح بالأنامل أولى، إذا كانت هذه السبحة -مثلاً- تذكرك، بعض الناس يدخل يده يجد السبحة يخرجها، ثم يقعد يسبح: سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله، طبعاً التسبيح ليس بالحبوب، التسبيح باللسان والقلب، لكن وجودها في يديك يذكرك التسبيح، فلا حرج، وكثير من الشباب ينكر على الذين يأخذون السبحة، وهذا من الجهل، وينبغي ألا ننكر على أحد إلا ومعنا دليل، أو نعرف فتوى من إمام يحتج به في الإنكار، أما أن ننكر ونتعوذ منه! ونظل ننكر عليه، فلا.

يقول الشيخ: إلا أن تخشى على نفسك الرياء.

ابن حجر العسقلاني رحمه الله تكلم عن (لا إله إلا الله) قال: وهي الكلمة التي تستطيع أن تقولها دون أن يدرك جليسك حركة شفتيك.

أطبق الآن بين شفتيك، وقل: (لا إله إلا الله)، يمكن أن تقولها دون أن يشعر الذي بجوارك أنك تقول: (لا إله إلا الله)، وهذه من نعم الله أنك تستطيع أن تستمر في الذكر، وكلمة (لا إله إلا الله) من أجلّ الذكر، بل لو وُضِعت السماوات وعامرهن غير الله في كفة والأراضين معها، و (لا إله إلا الله) في كفة لرجحت بهن (لا إله إلا الله).

فالذكر مما يعين القلب على الحماس واللذة والأنس بالطاعة والعبادة مع مجالسة الأخيار ففيها -بإذن الله- خيرٌ كثير.

لعلي أكتفي بهذا السؤال.

واستأذنكم للسلام على بعض الإخوة.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.