للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قصة الطفيل بن عمرو الدوسي]

إن الطفيل بن عمرو الدوسي قبل إسلامه كان قد سمع بخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث أخاً له يستفسر الخبر أو يستنبئ الخبر، فلم يشف غليله، فقال: إني أريد أن أذهب إلى هذا الصابئ -يعني محمداً صلى الله عليه وسلم- فأنظر في شأنه، فجاءه قوم محمد صلى الله عليه وسلم وقالوا: انتبه! إن عنده كلاماً كالسحر يفرق بين المرء وزوجه، فخذ قطناً وضعه في أذنيك حتى لا تسمع من كلامه، أي اذهب فاسأل أبا لهب أو أبا جهل، أو الوليد بن المغيرة أو أمية بن خلف، اسأل هؤلاء، أما هذا الرجل فلا تسأله فإن عنده كلاماً يفرق به بين المرء وزوجه، قال الطفيل: فوضعت في أذني القطن وقدمت إلى مكان هذا الرجل لأسأل عن حاله، قال: فلما كنت في الطريق قلت لنفسي: إني لشاعر، بل إني لمن شعراء العرب وأشعرهم، وأعرف سجع الكهان من كلام الحق، وأعرف رديء القول من طيبه وجيده، فلماذا أضع في أذني هذا الكرسف وهذا القطن، قال: فأزلته فجئت إلى محمد صلى الله عليه وسلم فسمعت منه، فما هو إلا أن شرح الله صدري للحق.

أيها الأحبة: إن كثيراً من الناس ليس لديه استعداد أن يسمع الحقيقة، أنا أقول لكل عاقل ولكل من يحترم عقله: إياك أن تجعل عقلك في خزانة جدك وأبيك، وإياك أن تجعل عقلك تحت سرير نومك أو في خزانة والدتك، أريدك أن تحمل عقلك معك أينما انتهيت، واسمع مني وأسمع منك، والله لو علمت أن الحق معك لتركت ما أنا عليه واتبعتك، لكن لو بينت لي بصريح قول الله، وصريح قول رسوله صلى الله عليه وسلم أن هذا هو الحق، ليست القضية أن يقل هؤلاء أو أن يكثر هؤلاء أو العكس، القضية أين الحق فنتبعه؟ أين الهدى فنسير عليه؟ أين الصراط فنلتف حوله؟ أين الراية فنجتمع عندها؟ هذا الذي يرضي الله عز وجل.