للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الشهيد يجد من ألم الموت كما يجد من ألم القرصة]

والشهيد كما قلنا آنفاً يختصر مراحل آلام الموت كلها، فلا يجد من آلام الموت إلا كما يجد أحدكم ألم القرصة، وهي أن يُشد على الجلد بشيء قليل، قد ينال شيئاً من الأذى أو الألم لكنه يسيرٌ جداً لا يمكن أن يُقارن بآلام الموت وسكراته، يقول الشيخ عبد الله عزام أسأل الله أن يجمعنا به في الجنة، وهذا رجل ٌ ظُلم حياً وظُلم ميتاً.

أما الذين ظلموه حياً فقد تكلموا في عرضه وأسرفوا، وأما الذين ظلموه ميتاً فقد نالوا منه بعد أن وارى التراب جدثه وجسده وأقول: أسأل الله أن يغفر لنا وله ولهم، هذا المجاهد الهمام لما تكلم في إحدى رسائله حول حديث: (الشهيد لا يجد مس القتل إلا كما يجد أحدكم من ألم القرصة) قال: وهذا رأيناه مع شابٍ من أهل المدينة المنورة يقال له: خالد الكردي؛ يقول: خالد هذا كان يمشي ثم انفجر به لغم طارت منه قدمه، وانبقرت بطنه، واندلقت أقتابه -أمعاؤه خرجت- وجرح جروحاً بسيطةً في يده، فجاءه الدكتور: صالح الليبي، وهذا قتل نسأل الله أن يجعله من الشهداء، وجعل الدكتور صالح يلمم أمعاءه ويعيدها إلى بطنه، والدكتور صالح يبكي رحمه الله، فقال خالد الكردي لماذا تبكي يا دكتور صالح؟!! ما في إلا جروح ويشير إلى يده ولا يعرف أن رجله كسورة وأن بطنه مفتوحة، وهذا دليل على مصداقية هذا الحديث، والحديث صدقٌ بهذا وبغيره أن الشهيد لا يجد من آلام الموت إلا كما يجد أحدنا ألم القرصة.

فيقول خالد الكردي رحمه الله: يا دكتور صالح! هي جروحٌ بسيطةٌ في ظهر يدي، وأخذ خالد الكردي يحدث الذين حوله ساعتين كاملتين وهو يسبح ويهلل، حتى فاضت روحه ولم يعلم أن رجله مكسورة، وأن بطنه مبقورة.

وفضائل الشهداء عند الله عظيمةٌ جداً؛ شهداء غزوة أحد رضوان الله عليهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة: (لما أصيب إخوانكم بـ أحد جعل الله أرواحهم في أجواف طيرٍ خضرٍ، ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا، فقال الله: أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله جل وعلا: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران:١٦٩]) فهذه من فضائل الشهداء، أن الله تكفل بإجابة ما تمنوا أن ينقله إلى إخوانهم في الدنيا قال الشهداء: يا ليتنا نخبر إخواننا بما نحن فيه لئلا يضعفوا عن الجهاد في سبيل الله، فقال الله جل وعلا: أنا أبلغ إخوانكم عنكم، ربٌ عظيم، جليلٌ كريم.