للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التثبت والبينة قبل الحكم]

نسأل الله أن يجعل بلادنا هادئةً آمنةً مطمئنة، ولكن لا يمكن أن يتحقق لكم هذا وهو لم يتحقق لرسول الله، لم يتحقق هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ كان الرسول صلى الله عليه وسلم منذ أن قامت دولته إلى أن مات والمؤامرات تلو المؤامرات على دولته، والوحي يتنزل عليه والله يقول له: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة:٦٧].

لقد أعطاه الله ضماناً بأن يعصمه من الناس ومع ذلك والوحي يتنزل والمعجزات قائمة والله حافظه ومع ذلك فلا زالت المؤامرات تلو المؤامرات في دولته وفي بلاده، أفتريدون أن تبقى أمتكم وأن يبقى مجتمعكم بحالٍ أفضل من حال الرسول صلى الله عليه وسلم، فيبقى سليماً نظيفاً نقياً من أي صغيرةٍ أو متوسطةٍ أو كبيرةٍ من الجرائم والمصائب؟، لا، ولكن إذا أردنا أن نقول لا نريد جريمة في المجتمع، ولا نريد أن تظهر في المجتمع جريمة فقد طلبنا مجتمعاً أفضل من مجتمع النبي، لأن مجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم ظهرت فيه الجريمة وظهرت فيه المشكلة وظهرت فيه الأمور الخطيرة وعالجها النبي صلى الله عليه وسلم واستقبل ما بعدها، فنحن لا نقول أو نطلب مستحيلاً نقول: نريد مجتمعاً لا يوجد فيه جريمة ولا مشكلة ولا ظاهرة خطيرة، بل نريد مجتمعاً رجاله يقظون نريدكم على أتم حال الأهبة والاستعداد واليقظة، نريد العين الساهرة لمتابعة كل دقيقةٍ وجليلة، وما عرفتموه خاصةً بالوثائق والبيّنات، نعم يوجد في المجتمع من يندس، لكن من يقيم للبينة على أن هذا كذا؟ من يقيم للبينة على أن فلاناً شيوعي؟ من يقيم البينة على أن فلاناً كافر؟ من يقيم البينة على أن فلاناً عنده وعنده؟ لا أقبل كلام المنشور فيه، ولا تقبلون أنتم كلام المنشورات فيه، لكن نريد البينة فإذا ثبتت البينة من شهود العدل أنه قال أو تلفظ أو نطق أو كتب في رسالته الجامعية أو قرر أو كتب كتابةً ووقع عليها فحينئذٍ تثبت وتحكم وتجزم بأنه يعتقد ما يقول، وتجزم بعد مناقشته ومناقشه من لهم الفكر والعلم والتقى والسابقة، يحددون موقفه ويصنف وحينئذٍ شأنه مع المحاكم الشرعية، نريد أن نتثبت في كل حكمٍ نطلقه وفي كل أمرٍ نطلقه، أعيد وأزيد، هذا لم يقع منكم ولم يقع من شباب الإسلام، وإنما نراه من منشورات ظهرت بأسماء أو بغير أسماء إني أبرئ نفسي وأبرئ شباب الصحوة، بل إن التهمة أصلاً أو إن الفكرة أصلاً لا تتوجه على الشباب الغيورين فيها وإنما على مفسدين قد يشعلون الفتيل حتى يأتي ساذجٌ يوصل آخره إلى محل الانفجار.

فأقول: احذروا من هذا ولا تجعلوا القرود التي تتقلب على أغصان الأشجار بالغابة تمتطي صهوة الحصان الأصيل، صحوتكم حصانٌ أصيل، قد يمتطيها قردٌ على غصن شجرة، فانتبهوا ألا يقف على سروج الخيل الأصيلة من القرود والمنتفعين والانتهازيين والمستغلين.

اللهم إنا نسألك بأسمائك وصفاتك أن تحفظنا وأن تبصرنا وأن ترزقنا خير العمل وخير الاستقامة.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء إليك، اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين.

اللهم أغثنا غيثاً هنيئاً مريئاً مريعا سحاً طبقاً مجللاً نافعاً غير ضار، اللهم اسقِ العباد والبهائم والبلاد.

اللهم إن كثرت ذنوبنا فإن عفوك أكثر، وإن كبرت معاصينا فإن رحمتك أكبر.

اللهم تغمدنا برحمتك، اللهم بعفوك لا بأعمالنا، اللهم بمنك لا بسعينا، اللهم بجودك لا بمساعينا، نسألك اللهم أن تتغمدنا برحمتك يا ربنا، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك.

عباد الله! إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما، اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبيك محمدٍ صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء، الأئمة الحنفاء: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعلي، وارض اللهم عن بقية العشرة وأهل الشجرة ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

عباد الله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم يذكركم، واشكروه على آلائه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.