للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اشتر نفسك واغتنم خمساً قبل خمس

أيها الشاب اشتر نفسك! أيها السامع اشتر نفسك! أيها المسلم والمسلمة كل منا يشتري نفسه، ويعتقها ويبادر بفكاك رقبته، كما نادى النبي صلى الله عليه وسلم وكما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل عليه: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء:٢١٤] قال: يا معشر قريش! اشتروا أنفسكم من الله، لا أغني عنكم من الله شيئاً) وفي رواية للبخاري: (يا بني عبد مناف اشتروا أنفسكم من الله! يا بني عبد المطلب اشتروا أنفسكم من الله! يا عمة رسول الله! يا فاطمة بنت محمد! اشتريا أنفسكما من الله لا أملك لكما من الله شيئاً!) ونحن ننادي كل شاب وكل ضال خاصة، ونقول: اشتروا أنفسكم من الله، اشتروا أنفسكم من الله، وأوبوا وعودوا إلى الله عز وجل، قال الحسن البصري: [المؤمن في الدنيا كالأسير يسعى في فكاك رقبته لا يأمن شيئاً حتى يلقى الله عز وجل] وقال الحسن أيضاً: [ابن آدم إنك تغدو أو تروح في طلب الأرباح فإن يكن همك نفسك فإنك لن تربح مثلها أبداً] ما ظنكم بإنسان سيقتل بعد أسبوع ومشغول هذا اليوم وغداً وبعد غدٍ في بيع وشراء وتجارة، هل ينفعه المال؟ هل تنفعه التجارة؟ هل ينفعه المركب؟ هل ينفعه الجمال؟ وهو هالك لا محالة بعد أسبوع، فكذلك الضال والغافل الذي يسير وهو يعلم أنه على غير صراط الله المستقيم يمضي إلى هاوية أو إلى طريق تضل به، وتبعد به وتهوي به في مكان سحيق، أينفعه ما جمع من الدنيا؟! ولكن الغفلة عن هذا كثيرة، تلك هي التي جعلت كثيراً منهم يسدرون ويغطون في سباتهم العميق.

يا أيها الناس! إن الزرع في غير وقته لا يفيد الزارع شيئاً، وإن التعلم ساعة الامتحان لا يجزئ الإنسان شيئاً، وإن الذي يأتي يوم القيامة وقد اكتسب سيئاته في الدنيا ولم يعمل من الصالحات الكثير هو المفلس والخاسر، وربما بل لا شك أنه يتمنى أن يعود من جديد لكي يعمل وهيهات فيقول: {رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} [المؤمنون:٩٩ - ١٠٠] وماذا وراء ذلك؟ {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:١٠٠].

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينادينا وينادي الشباب وينادي الأمة أجمع: (اغتنم خمساً قبل خمس) والغنيمة أمر لا يكاد يفوت، لا تقال غنيمة إلا فيما عليه شيء من الجهاد وشيء من النزال والقتال، ولا تقال غنيمة إلا لأمر فيه مبارزة، أما الذي يأتي بدون قتال فهو فيء يسير سهل، لكن الغنيمة تحتاج إلى مبادرة، ولا يقال: اغتنم الأمر إلا لأمر يفوت ويضيع، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك) رواه الحاكم والبيهقي عن ابن عباس وهو حديث صحيح.

ما أكثر الذين عن هذا هم غافلون ضالون وفي سباتهم نائمون،

واحسرتاه تقضى العمر وانصرمت ساعاته بين ذل العجز والكسل

والقوم قد أخذوا درب النجاة وقد صاروا إلى المطلب الأعلى على مهل