للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[استغلال النعم المعاصرة لزيادة الطاعات]

أيها الأحبة! لو أن الواحد منا تفكر في حال آبائه وأجداده، معاناةٌ منذ الصباح إلى المساء، قطرة الماء معاناةٌ لا يجدها بسهولة ولا بيسر، وإن كان بعض الناس لا يزالون يجدون شيئاً من المعاناة في حصولهم على الماء، ولكن شتان شتان بين حال الأوائل وحال المتأخرين، وطهي طعام يحتاج إلى معاناة، من جمع الحطب والبحث عما يشعل هذه النار، والانتظار على هذا الطعام ثم بعد ذلك ما يتبعه من تبعاتٍ وأمورٍ أخرى.

وأما الثياب فمعاناة، وأما المبيت فمعاناة، في الشتاء معاناة وفي الصيف معاناة، وفي كل حالٍ من أحوال الفرد معاناة.

أما الآن فكما يقول الشيخ الجزائري: نحن في زمنٍ طرنا في الهواء، وسرنا على الماء، وأكلنا فاكهة الصيف في الشتاء، وما كان ذاك لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهل هذا دليلٌ على أن زماننا خيرٌ من زمن الأوائل؟ لا وألف لا -أيها الأحبة- ولكن الأمر أننا ابتلينا بما آتانا الله عز وجل.

إن كل ما سخره الله لنا من مبانٍ أو إضاءة أو خدماتٍ، أو غنى أو أمن أو طمأنينة؛ يبتلينا الله عز وجل فيه لينظر ما نحن صانعون؟ أنت في أمن والآمن يستطيع أن يفعل خيراً، وأن يعبد الله عز وجل، أما الذي هو في خوف فلا يعرف كيف يعبد ربه.

أنت في غنى والغني يستطيع أن يجد فسحة من الوقت ليعبد الله سبحانه، أما الفقير الذي منذ أن يصبح لا يفكر إلا في لقمة يسد بها رمقه، ويقيم بها صلبه وأوجه، فلا يستطيع؛ يفكر في هذه اللقمة ولا يفكر في غيرها، أما الغني فلا يفكر في هذا إطلاقاً وعنده فسحة من الوقت وفسحة من الزمن يستطيع أن يتعبد الله عز وجل بذلك.