للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قسوة القلوب سبب الإصرار]

مصيبتنا قسوة القلوب، ولو كنا نتدبر كلام الله عز وجل ما أصر أحد على معصية، أنا لا أقول: إننا سننقلب إلى ملائكة ليس فينا من يخطئ، لكن لن يكون فينا من يصر على ذنب، بل من أذنب استغفر.

إن الله عز وجل لما بين صفات المتقين بعد أن دعانا إلى المبادرة والمسابقة والمسارعة إلى الجنة، فقال في سورة آل عمران: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:١٣٣] من هم المتقون يا رب؟ {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ} [آل عمران:١٣٤ - ١٣٥] يا سبحان الله! متقون وفيهم من يفعل فاحشة، أو يظلم نفسه، لكن: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:١٣٥].

إذاً يا أخي الحبيب: لا تتوقع أنك بالتزامك ستكون ملكاً معصوماً، بل المرجو من كل واحدٍ منا أن يجاهد نفسه عن المعصية، وأن يكون قريباً من طاعة الله ومرضاته، ولكن المبادرة تعني المبادرة إلى العمل، وتعني المبادرة إلى التوبة إذا وقع الزلل، لا تتصور أن المبادرة إلى الأعمال هو نداءٌ للمتدينين فقط، أو نداءٌ للمستقيمين فقط، لا، المبادرة إلى العمل للمذنب والمطيع، للصالح والطالح، للمخطئ والمصيب، للقريب والبعيد، مبادرة من المخطئ بالتوبة، مبادرة من المذنب بالاستغفار، مبادرة من الذي ابتعد بالرجوع، ومن عظيم نعم الله عز وجل أن الواحد لا يحتاج إلى أن يفضح نفسه إذا أراد أن يتوب.