للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل الشهادة والرباط في سبيل الله]

واعلموا أيها الأحبة! أن فضل الشهادة عظيم جداً بما سمعتم وبما تسمعون، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (والذي نفسي بيده لولا أن رجالاً من المؤمنين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني، ولا أجد ما أحملهم عليه؛ ما تخلفت عن سريةٍ تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أن أقتل في سبيل الله، ثم أحيا، ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل).

النبي صلى الله عليه وسلم يتمنى أن يقتل أربع مرات في سبيل الله جل وعلا! من فضائل الشهادة: أن منهم من ينال الفضل العظيم وإن لم يركع لله ركعةً واحدة، أحد الصحابة عمرو بن أقيش كان له رِباً في الجاهلية فمات، فلما مات جاء سعد بن معاذ قال لأخته: سليه أقاتل حميةً أم عصبية؟ فقال: بل لله جل وعلا، وقصة أخ لـ سلمة بن الأكوع في خيبر قاتل بشدة فارتد عليه سيفه، فتكلم الصحابة فيه؛ لأن سيفه ارتد عليه هل يعتبر شهيداً؟ هل مات شهيداً في سبيل الله؟ فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كذبوا، مات جاهداً مجاهداً فله أجره مرتين) متفق عليه.

وختام الحديث نجعله في فضائل الرباط في سبيل الله جل وعلا.

والرباط: هو لزوم الثغر في مواجهة الكفار للدفاع عن المسلمين.

عن أبي أمامة في الحديث: (أن أربعةً تجري عليهم أجورهم بعد موتهم، ومنهم من مات مرابطاً في سبيل الله) حديثٌ صحيحٌ رواه الإمام أحمد.

ورباط شهرٍ كما في الحديث خيرٌ من صيام الدهر، ومن مات مرابطاً في سبيل الله أمن من الفزع الأكبر، وغُذي عليه برزقه، ورِيحاً من الجنة، ويجري عليه أجر المرابط حتى يلقى الله جل وعلا، أي: أن كل واحدٍ منا إذا مات يختم عمله إلا من ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلى من ثلاث) المعروفة في الحديث (ورباط يومٍ في سبيل الله -كما في الحديث- أفضل من صيام شهرٍ وقيامه، ومن مات فيه أمن أو وقي من فتنة القبر ونمي له عمله إلى يوم القيامة) رواه الترمذي وهو حديث صحيح.

ومن الفوائد المهمة أن من مواطن الدعاء بإذن الله جل وعلا الجهاد، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش، وإقام الصلاة، ونزول الغيث) حديثٌ صحيح.