للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الصومال إلى أين؟]

أيها الأحبة في الله! الصومال قطعة جميلة في القارة الخضراء في منطقة القرن الأفريقي، أمة مسلمة نسبة المسلمين فيهم (١٠٠%) لا يوجد فيهم أقليات وثنية أو نصرانية، الصوماليون مسلمون (١٠٠%)، ولكن الصومال شأنها كشأن غيرها، ظلت ترزح تحت نيران الاستعمار الذي جثم على صدر الأمة زمناً، حتى استقل وتحرر بعد أن قدم أرواح أبنائه، وفلذات أكباده، وخيرات بلاده، تحرر من الكفر الأجنبي، ليستقبل في عصر الخداع وفي عصر التعتيم الإعلامي كفراً محلياً، ودع كفراً أجنبياً، واستقبل كفراً محلياً، في ظل وعود الشعارات الزائفة والسعادة الموهومة، استقبل كفراً أسوأ ظلماً وتسلطاً وجبروتاً من الذي قبله.

وما إن سقط هذا الكفر وسقطت تلك العلمانية، حتى ظهر للمسلمين هناك أن قنبلة موقوتة تنفجر بزوال النظام، حتى تعيش الأمة حرباً أهلية وقبلية بغيضة، وحروباً متطاحنة.

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند

شعب عدده قرابة التسعة ملايين نسمة، عقيدته واحدة، من عرق واحد، والصوماليون -كما قلت- أمة مسلمة عرفوا الإسلام في زمن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لهم في الإسلام والدعوة إليه تاريخ مشرق ومشرف، ولكن ما إن توالت الدهور والعصور، حتى اكتنفت بهذا الشعب وأحاطت به إحاطة السوار بالمعصم والعقد بالجيد، أحاطت به شلة وشرذمة نصرانية وعلمانية، وأحكمت نطاق حدوده دول نصرانية كافرة، فلا تعجب أن ترى أحوال المسلمين في الصومال أشد مما تسمع، وأبلغ مما يُروى.

نعم.

وفوق هذا كله لا تزال جسور الكفرة تمتد إليهم، لتُغذي الصراع بالسلاح، ولتُغذي القبيلة والعنصرية عبر الإرساليات البريطانية والفرنسية، وأذنابها ممن جاور هؤلاء حول حدودهم وبلادهم، كانت مناطق آمنة، فخلف من بعدهم خلف علماني كافر أضاعوا الصلاة وحكموا القوانين، وأباحوا الزنا، ونشروا الخنا، وأشاعوا الفاحشة، وضاعت تلك الأمة في ظل تلك القيادات الكافرة التي لا هم لأحدهم إلا قول القائل:

إذا مت ظمآناً فلا نزل القطر

أي: عليّ وعلى أعدائي.

ولينجو الظالم ببطشه وبرصيده وبملكه، لا يبالي أن يشرد ويقتل ويضيع من وراءه.

أيها الأحبة! في فترة مضت -وسمعتم وسمعنا هذا- عُذب العلماء في الصومال، وأُحرق عشرة منهم في ساحة عامة في العاصمة، أحرقوا أحياء بعد أن سكب البنزين عليهم، أما الدعاة فالسجون لها حديث معهم، والزنزانات تعرف أسرارهم، والأغلال تشم أنفاسهم، ولكن من يخبر المسلمين بهذا؟! تعتيم لا نعلمه.