للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من دروس الفتنة كشف العداوات والصداقات]

كذلك أيها الأحبة: كشفت الصداقات والعداوات من الدول المجاورة، وكنا نظن أننا نضع أجنحة الأمان في روابط أقمناها أو أقيمت مع أناسٍ، ومن خدعنا بالله انخدعنا به، ولكن:

جزى الله الشدائد كل خيرٍ عرفت بها عدوي من صديقي

وظهرت هذه العداوات في أحلك الظروف وأشد الساعات خطراً على أمتنا، وهذا درسٌ لكي تعتبر به الأمة، وتعرف أن العلاقة التي تكون سبباً من أسباب التمكين والتأييد والاجتماع والقوة هي العلاقة التي تبنى على الحب في الله والبغض في الله، العلاقة التي تقوم على روابط العقيدة والدين، أما أن يجمعنا بدولة من الدول روابط العروبة والرقعة الجغرافية والدم أو اللون، فهذه روابط انتهت واتضحت عداواتها، وقد أفلست الشعارات التي قيدت بها أمة الإسلام، قاد الأمة عبد الناصر فيما مضى فأورثها نكبة عظيمة لا زالت تعاني من ويلاتها وهي حرب (٦٧م)، ثم رفع شعار البعث والعلمانية، وماذا كان وراءه؟ مصيبة لا يعلمها إلا الله، بسبب تجمع هذه الأمة ولا أقول: كل الأمة، لكن تلك التي طبلت ودندنت وراء هذا الطاغية الفاجر الذي أورث قومه بواراً {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم:٢٨] لقد مزقت تلك المذاهب شملنا، مذاهب البعث ومذاهب العلمانية، والنظريات المستوردة والقومية، وكل نظرية لم تكن مستنبطة من كتاب الله وسنة نبيه فإن حظ الأمة فيها الهلاك، وحظ الأمة فيها الفشل، وحظ الأمة فيها الذلة والهوان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! ونسأل الله جل وعلا أن يصلح أحوال المسلمين.

هكذا مزقت الأحزاب أبناء العروبة

الأحزاب، الأنظمة الحزبية، الأنظمة السياسية الحزبية التي تحكم أمة الإسلام بغير كتاب الله، وبغير شرع الله

هكذا مزقت الأحزاب أبناء العروبة

وادعتهم في مجالاتٍ من الذل رهيبة

لقد انقادوا لهذا الباطل الخداع واستحلوا نعيبة

وكتاب الله دنيا في الورى جد رطيبة

كتاب بين أيديهم يدَّعونه أولئك، فلماذا لا يعودون إلى الله؟ وإن كتاب الله أوثق شافعٍ وأغنى واهب متفضل، لكنهم يهجرون القراح إلى النتن، ويهجرون الطهارة إلى النجاسة، ويهجرون العزة إلى الذلة، ويهجرون الكرامة إلى الهوان، ولا حول ولا قوة إلا بالله!