للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النظرة الخاطئة للالتزام والملتزمين]

فيا أحبابي! هل نعود إلى الله؟ هل نتوب إلى الله؟ هل نجرب؟ حاول؟ افعل؟ خطوة إلى الأمام وستجد النتيجة، ستجد الراحة والطمأنينة، والسعادة، جلساء الخير، ثم إن الخير لا يكلفك، فبعض الناس يتوقع أنه إذا التزم وتاب واستقام بأن عليه الآتي.

أولاً: يحتاج أن يذهب ويفصل ثوباً فوق الركبة.

ثانياً: يحتاج أن يخرب المرزاب.

ثالثاً: يضع الغترة هكذا.

رابعاً: يأتي بمسواك طويل، ويتوقع أن الدين هكذا، كثير من الشباب الذين يجعلهم ينصرفون عن الاستقامة، ولا يلتزمون، يتصور أنه لابد أن يصير مُعقداً، إذا ضحك الناس لا يضحك، ولا يريد أن يبتسم معهم، يظنون أن الابتسامة -مثلما يقولون- عند المطاوعة حرام.

واحد من الشباب يقول: كنا نلعب كرة مع شباب طيبين، كل واحد يأتي بفريقه، وعندنا شباك، ونظل نلعب بعد العصر، وربما شربنا الشاي إلى أن يبرد الوقت قليلاً، ولعبنا العصر، وبعد المغرب نقرأ في كتاب رياض الصالحين، أو أحد الكتب النافعة، يقول: في يوم من الأيام، خرج معنا شاب قلنا له: تعال معنا، وعندما خرجنا وهو مستغرب مثل الذي سيدخل حديقة حيوانات، لا يعرف ما يقول، يقول: أتينا والوقت مصيف، قلنا: هيا يا شباب أعطونا الكرة والقوائم منصوبة والشباك جاهزة، يقول: والله قليلاً إلا وكل واحد لابس فنيلة وبدلته وحذاء اللعب ولعبنا الكرة، قال: يا أخي! الآن المطاوعة يلعبون كرة؟!! قال: نعم.

وماذا ترى؟ ماذا تتوقع؟، قال: والله أحسبكم من يوم أن خرجتم إلى البر كل اثنين يقعدون ويصيحون، يعني: يتوقعون أن المطاوعة أناس معقدون جداً، بالعكس والله المزاح واللهو البريء والمرح، وإذا جاءت العبادة، والتبكير للصلاة، وإذا وقف الإنسان بين يدي الله، وقف وقفة الخاشع، وإذا جلس يُصلي تلذذ بالصلاة، وتجد الإيثار: فلان! ماذا تحتاج؟ فلان! ماذا تريد؟ تجد إخوانك يخدمونك في الله، يأتينا الشاب عنده مشكلة معينة، أول ما تنظر هل هو يصلي الفجر؟ هل هو شاب ملتزم؟ ما هي مشكلتك؟ مساعدة زواج؟ نساعدك، ما عندك؟ عليك مصيبة؟ ربما يساعدونه لا يريدون شيئاً، يريدون وجه الله جل وعلا، لماذا؟ لأننا نتفاضل فيما بيننا بالتقوى، الألوان والأجسام والطول والعرض والقبيلة والنسب والشرف، هذه كلها أضعها تحت رجلي، والله بعضنا يفضل بعضاً بالعبادة والتقوى، إن بلال بن رباح عبدٌ حبشي، يقول الرسول: (يا بلال! إني أسمع صوت نعليك في الجنة) وأبو لهب أشرف قريش: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد:١] في النار.

الله أكبر! هذا الدين الذي يُشرفك لا بلونك ولا بطولك أو عرضك أو قبيلتك أو حسبك أو نسبك، بل يشرفك بالتقوى، يشرفك بالإقبال والإقدام على الله جل وعلا.