للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إياك والاحتجاج بكثرة الضالين]

أيها الشاب: لا تحتج بكثرة الشباب الضالين نعم، إن كثيراً من الشباب تجمعوا عند المطاعم، وإن كثيراً تجمعوا في الطرقات، وإن كثيراً يتباهون بالسيارات، وإن كثيراً يدعون الفتيات، وإن كثيراً يفعلون ويفعلون، ولكن تذكر قول الله: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام:١١٦]، وتذكر قول الله: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف:١٠٣].

إياك أن تكون إمعة يجري بك التيار، وتسير مع الكثرة! إذ ليست الكثرة هي المقياس، إن أكثر الناس -إلا من رحم الله- يقعون في الضلال، بل إن أمة الإسلام على كثرتها أكثر ما فيها الغثاء، كما قال صلى الله عليه وسلم: (يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أومن قلة نحن يا رسول الله؟ -هل نحن قليل حتى يطمع بنا الأعداء- قال: أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء)، احرص أن تكون من الأقلين.

إن القادة آحادٌ وأفراد، إن السادة آحادٌ وأفراد، وأما الكثير فطغامٌ وهوام، عليك أن تكون من الذين تميزوا وقاموا.

إذا مات ذو علمٍ وتقى فقد ثلمت من الإسلام ثلمة

وموت الحاكم العدل المولى بحكم الأرض منقصةٌ ونقمة

وموت فتىً كثير الجود محلٌ فإن بقاءه خصبٌ ونعمة

وموت الفارس الضرغامِ هدمٌ فكم شهدت له بالنصر عزمة

وموت العابد القوام ليلاً يناجي ربه في كل ظلمة

فحسبك خمسةٌ يبكى عليهم وباقي الناس تخفيفٌ ورحمة

وباقي الخلق همجٌ رعاعٌ وفي إيجادهم لله حكمة

أيها الشاب: عليك أن تجاهد نفسك بعيداً عن مغريات الحياة، بعيداً عما يواجهك من المصائب، بعيداً عما يزخرف لك من ملذات الدنيا، واعلم أنك قادرٌ على الاستقامة.

أيها الشاب: والله، والله، والله، إنك قادرٌ على الاستقامة، قادرٌ على الهداية، قادرٌ على الصراط المستقيم، ولكن أتمد يدك إليه؟ أتخطو خطوةً إلى الهداية؟ {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل:٥ - ٧]، إني لا أعدك، ولا سماحة الشيخ ابن باز يعدك، ولكن الله يعدك إن أنت أعطيت وتصدقت وأمضيت، وعلى طريق الحق سلكت {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل:٥ - ٧] {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً} [النساء:١٢٢]، {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً} [النساء:٨٧]، ووعد الله نافذٌ لا محالة: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل:٨ - ١٠]، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس:٩] إنك قادرٌ على الفلاح، فزك نفسك {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس:١٠] إنك واقعٌ في الهلاك إن دسيت نفسك؛ فعليك -أخي الحبيب- أن تلتزم، واحذر من الذين يرددون الشبهات، ويقولون لك: إن الدين شاق، وجادة الطريق طويلة، وأنت لا تستطيع، والالتزام صعب، ما أكثر الذين التزموا فانحرفوا! إن نبيك صلى الله عليه وسلم قد جاء مبشراً وميسراً، وما جاء منفراً ولا معسراً، فافهم هذا واعمل به حتى تكون من الصادقين يوم أن يفتن الناس، ويميز الله الخبيث من الطيب، فتكون من الطيبين بإذن الله.

فيا أيها الشاب: والله لن تزول قدماك حتى تسأل عن شبابك، وعن عمرك، وعن مالك، وفترة الشباب بالذات أنت مسئولٌ عنها، فيا ضيعة شابٍ ضيع أعماره!