للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضيلة بناء المساجد وحرمة زخرفتها]

واعلموا يا معاشر المؤمنين أن العناية ببناء المساجد أمرٌ عظيم، فإننا نرى كثيراً من أهل الخير وأهل المال والثرى من كبر في سنه أو أراد أن يوصي بوصيته أوصى ببيتٍ كبيرٍ أو بقصرٍ عامرٍ أو بعمارةٍ شاهقة فجعلها وقفاً في أضحية له، وأضحية أخرى له ولوالديه، وقد كان بإمكانه أن يستغل قيمة هذه العمارة، أو قيمة هذا القصر فيبني بها مسجداً متكاملاً، أو أن يشارك في بناء مسجدٍ يتكلفه نصف تكاليف وأعباء بنائه، إن هذا أمرٌ مهم، إذا كانت الأضحية يناله بإذن الله ثوابها في يوم الأضحى فقط، فإن بناء المساجد فيه فضلٌ عظيم إذا كان من مالٍ حلال، يكون أجر وثواب من صلوا فيها يناله شيءٌ من الأجر والثواب العظيم بفضل الله ومنه في كل يومٍ وفي كل لحظة، كل من صلى فيه فريضة أو نافلة، وكل من اعتكف فيها، وكل من قرأ القرآن فيها، فإن له ثواباً عظيماً، فاجتهدوا في ذلك يا عباد الله! وشاركوا وتنافسوا في بناء المساجد، وخصوا الأماكن التي هي بحاجة، بمزيدٍ من العناية.

أسأل الله جل وعلا أن يتقبل منا ومنكم.

اعلموا يا معاشر المؤمنين أن بعض أهل الخير وفقهم الله يسرفون أو يبالغون في بناء المساجد وزخرفتها إلى الحد الذي يجعلهم يبنون مسجداً بتكلفةٍ تكفي لبناء خمسةٍ أو عشرةٍ من المساجد، فلو فطنوا لذلك وانتبهوا وتنبهوا لذلك لكانوا بذلك ينالون أجوراً وثواباً وأعمالاً مضاعفةً من فعلهم هذا.

أيها الإخوة: إن البعض يبني مسجداً يتكلف فيه أموالاً طائلة، ولو بنى المسجد بناءً متواضعاً جميلاً مهيئاً لائقاً، وخص بعض بلدان المسلمين في أفريقيا وشرق آسيا بما فضل من هذا المال لبناء عددٍ من المساجد هناك، إذ أن الأرض بأثمانٍ بخسة هناك، والأيدي العاملة بأثمانٍ بخسة هناك، وأجور البناء كذلك، وهم في أمس الحاجة إلى ذلك، إذا كنتم تعلمون أن بلدان أفريقيا تشكو وتعاني من التنصير، وأن النصارى ليل نهار يبنون الكنائس فيها، ويبنون دور التنصير، ويبنون دور إضلال المسلمين وبعدهم عن دينهم، فما بالنا يا عباد الله يتعصب بعضنا ولا يبني المسجد إلا هنا.

نعم، إذا رأيت مكاناً بحاجةٍ فذلك خيرٌ لك أن تخصه بالبناء، وأن يكون البناء متواضعاً بقيمة مناسبة على وضعٍ مناسب، لا أن تبذل المال كله فيه وتترك إخوانك في الباكستان وفي الهند وفي بورما وفي أفريقيا وفي كثيرٍ من الدول والأماكن التي هي بأمس الحاجة إلى بناء المساجد والمراكز الإسلامية.

أسأل الله جل وعلا أن يجعل أعمالنا وإياكم خالصةً لوجهه.