للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الجهاد شجرة لا تروى إلا بالدماء]

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وعبد ربه مُخلصاً حتى أتاه اليقين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، فالفوز والفلاح والسعادة والنجاة للمتقين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب:٧٠ - ٧١].

معاشر المؤمنين! يقول الله جل وعلا: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب:٢٣].

أيها الأحبة! بقلوب تلقت نبأ الفاجعة، وبأنفس وآذان سمعت خبر المصيبة، فكان شأنها شأن المؤمنين عند المصائب: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة:١٥٦] ودّعت ساعات الجهاد قائداً من قاداتها، وسيداً من ساداتها، ورجلاً من رجالاتها، وداعية إلى التوحيد والسنة من دعاتها، ذلكم هو الشيخ جميل الرحمن، أسأل الله جل وعلا أن يجعل ما نقوله فيه خالصاً لوجه، لا نبتغي بذلك قرباً من أحد ولا بعداً، ونسأل الله أن يجعل ما نقول فيه دليلاً على الولاء للمؤمنين، والبراء من غيرهم.

أيها الأحبة في الله! كلكم سمع هذا الخبر، وتلقى تلك الفاجعة، وليس بغريب، فإن الله جل وعلا يبتلي الأمة {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:١٥٥ - ١٥٧].

معاشر المؤمنين! إن الذين حصل ليس بغريب على رجال الإسلام ودعاته وقادته، كم ودع هذا الدين؟ وكم ودعت أمة المسلمين قادة وسادة ورجالات كان لهم شرف وشأن عظيم؟ وإنا لنسأل الله أن تكون وفاته وخاتمته شهادة في سبيل الله، نسأل الله جل وعلا أن يُكرمه بمنازل الشهداء، وأن يجمعنا به مع الأنبياء والصديقين والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.