للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذهاب التائب أحمد إلى الحج]

ثم قال الشاب التائب لصاحبنا: إني أودعك! قلت: إلى أين؟ قال: أريد الحج، وكان الحج وقتها على الأبواب، فطلبت منه أن يحج معنا، قال: لا، فظننته قد اختار رفقة يريد أن يحج معهم.

قال: فحججت وحج صاحبنا هذا وأنا لا أعلم مَنْ رفقته، وفي ثاني أيام التشريق، رأيته من بعيد فناديته وكان اسمه أحمد، يا أحمد! يا أحمد! فالتفت إلي ورآني، ثم ولى هارباً، فقلت: سبحان الله! ما الذي غير قلبه علي، لعلي أراه في الرياض.

قال: فلما قضينا مناسكنا وعدنا إلى البلاد، قابلته فسألته فقال: قد حججت وحدي، وتنقلت بين المشاعر على قدمي -وهذا الكلام يقوله التائب مقولة سر لصاحبنا هذا الذي أخبرنا بالقصة، ما يقوله تفاخراً أو رياءً أو سمعة- يقول: تنقلت بين المشاعر على قدمي لعل الله أن ينظر إلي ذاهباً من منى إلى عرفة، أو واقفاً على صعيد عرفة، أو ذاهباً إلى مزدلفة أو ماضياً إلى الجمرات لعل الله أن ينظر إلي فيرحمني.

قلت له: لماذا هربت يوم ناديتك ثاني أيام التشريق؟ فقال: كنت مشغولاً بالاستغفار، أستغفر من الزنا الذي فعلت.

قلت: هلَّا جئت معنا؟ يقول صاحبنا له: هلَّا جئت معنا أو جلست معنا؟! قال: أنا أجلس معكم! أنتم أطهار تريدون أن أدنسكم بالزنا! أنا رجلٌ زانٍ لا أستطيع أن أدنس مجالسكم! وكان التائب في حجه تارة يقول: أخشى ألا يغفر الله لمن حولي بشؤم ذنبي، وتارة يقول: لعل الله أن يرحمني بهؤلاء الجمع المسبحين الملبين.