للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[لا ننافس أعداءنا بغير ديننا]

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، وتمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، واعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار عياذاً بالله من ذلك.

أيها الأحبة في الله: قلنا فيما سبق: إننا لن ننافس أعداءنا بعددنا ولا باختراعنا، وإنما ننافسهم بديننا، ونقارعهم بديننا، ونرعبهم بديننا، ونقتلهم بديننا، وبغير ذلك لن نستطيع أن ننافس شيئاً، من ظن أننا سننافس بغير هذا الدين، فهو يعلق الأمة بالمذلة، ومن ظن أننا سننافس ونبقى أعزاء كرماء أقوياء بغير الدين فإنه يعلق نفسه وأمته بالمذلة.

أيها الأحبة: لما ذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه -وكان يلبس ثياباً مرقعة فيها ثماني عشرة رقعة، وهو الخليفة- على حمارٍ أهزل، التفت إليه أحد الصحابة، ولعله أبو عبيدة قال: [يا أمير المؤمنين! لو لبست حلة غير هذه وركبت برذوناً بدلاً من هذا الحمار] لأنك تقدر الآن لتتسلم مفاتيح بيت المقدس أمة اليهود التي سبقت أمة الإسلام في وجودها وحضارتها وما عندها، [لو أنك يا أمير المؤمنين! لبست حلة بدلاً من مرقعتك هذه وركبت برذوناً بدل هذا الحمار، فالتفت إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال: يا أبا عبيدة! لو قالها غيرك لأوجعته ضرباً، نحن أمةٌ أعزنا الله بالإسلام، فمهما أردنا العزة بغيره أذلنا الله] تكون كل درجة في غير هذا الدين موصلة إلى العزة سلماً إلى الذلة باتجاه معاكس، وكل خطوة غير مرتبطة بالدين في سبيل العزة خطوة إلى الوراء بالمذلة والهوان، هذه حقيقة لم يثبتها واقع النصوص فقط أو الآيات والأحاديث، بل أثبتها الواقع، فأخبرونا ماذا قدمت القيادات لأمة الإسلام بعد سقوط الخلافة وانقسام الدول في محاولاتٍ لإعادة بعث الأمة من جديد، كل محاولة نشأت وجعلت غير الإسلام وسيلة وغير التوحيد هدفاً وعقيدة؛ فهي لا تزيد الأمة إلا خبالاً وضعفاً.