للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مقارنة بين مصير البر والفاجر]

فلنعد العدة لذلك اليوم، ولنعد لدارٍ سوف نسكنها، سوف نبقى فيها، والله ما نفع أهل الأموال أموالهم، أين الملوك؟ أين الأمراء؟ أين الوزراء؟ أين الرؤساء، أين الخلفاء؟ أين الذين ذهبوا؟ أين الذين ملكوا؟ أين الذين جمعوا؟ أين الأثرياء؟ أين الكبراء؟ لقد ودعوهم في حفرةٍ لا فراش فيها، ولا خادم فيها، ولا مائدة عندها، ولا باب إليها، ولا نور يضيئها، ولا هواء يدخلها؟ لا شيء فيها إلا خرقةٌ بيضاء يحسدك الدود عليها فينتزعها من جسمك ولا يتركها لك، كتب الله أن تعود إلى هذه الدنيا في نهاية المطاف وفي خاتمة الأمر كما نزلت عليها، حتى كفنك ينازعك الدود فيه، فيقرضه منك خيطاً خيطاً شعرةً شعرةً، وينتزعه من جسدك، فإن منَّ الله عليك وكنت من الصالحين عوضك الله هذا الكفن أبواباً إلى الجنان ونعيماً مقيماً في دار الخلود، فتفتح لك أبواب الجنة، ويضاء لك القبر، وتؤنس بعملك الصالح، وتبقى زاهياً متغنيا، تقول: ربِّ أقم الساعة، ربِّ أقم الساعة، وإن كنت من أهل الشقاء، من أهل الضياع، من الذين ضاعت أموالهم في الربا، وتركوا المساجد وغفلوا عن الجماعات، وضيعوا حقوق الله، وضيعوا محارم الله في كل سفرٍ وفي كل ذهابٍ وإياب، لا يرعون حرمات الله، يواقعون الفواحش لا يبالون، فإنك لا تجني من الشوك العنب وكلٌ سيلقى عمله أمامه.

يا غافلاً عن العمل وغره طول الأمل

الموت يأتي بغتةً والقبر صندوق العمل

القبر صندوق العمل، انظروا واجمعوا في صناديقكم، لو زار كل واحدٍ منا قبره في الأسبوع مرة، في الشهر مرة، في نصف الشهر مرة، وأنت تنظر وتقول: هذا صندوقي هذا فراشي هذه داري، سأسكنها وحدي، هل وضعت فيها عملاً صالحاً، أم أودعتها خيبةً وضياعاً وحرماناً وحسرة؟ أسأل الله أن يحسن لنا ولكم الخاتمة، أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يحسن لنا ولكم الخاتمة.

اللهم أحينا على الإسلام سعداء، وتوفنا على التوحيد شهداء، واحشرنا في زمرة الأنبياء.

اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا وأجدادنا وجدادتنا، اللهم من كان منهم حياً فمتعه بالصحة والعافية على طاعتك، ومن كان منهم ميتاً اللهم جازه بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً، واغفر اللهم لأحبابنا وأصدقائنا وإخواننا الذين فرطوا من بين أيدينا وودعونا ومضوا، ولا نملك لهم قليلاً ولا كثيراً إلا أن نسأل الله أن يجمعنا بهم في مستقر رحمته وفي دار كرامته.

اللهم انصر الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم دمر أعداء الدين، اللهم أبطل كيد الزنادقة والمفسدين، اللهم من أراد شبابنا بسوء ونساءنا باختلاط وتبرجٍ وسفور، ورجالنا وعلمائنا وولاة أمرنا بفتنة أو مكيدة، اللهم جازه بالسوء والخزي والعار والدمار، اللهم أدر دائرة السوء عليه، وأرنا فيه عجائب قدرتك، واجعل تدبيره تدميره، يا سميع الدعاء، وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.