للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المرء حيث يجعل نفسه]

الوقفة الثانية: أخي الشاب: بإمكانك أن تكون عالماً من العلماء أو شيطاناً من الشياطين بوسعك أن تكون إماماً في الهداية وبوسعك أن تكون عفريتاً في الغواية بوسعك أن تكون قدوة يقتدى بك في الخير، وبوسعك أن تكون قائداً يهدي إلى الضلالة، وقد ضرب الله مثل الفريقين جميعاً، فقال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:٢٤] فلما اجتهدوا وحرصوا وبذلوا كل ما في وسعهم من طاقة وما في جوارحهم من إمكانيات، وإنه بالصبر واليقين -كما يقول أحد السلف -: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة:٢٤] والمسلم لا ينبغي أن يقول: يكفي أن أكون شاباً ملتزماً، نحن نريد أن تكون إماماً في الالتزام، يحتذى بمنهجك وبسلوكك وبطريقك وبعلمك، ويتأسى بفكرك أيضاً {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} [الفرقان:٧٤] هذا من الأدعية المشروعة، أن الإنسان لا يكون فقط واحداً من المتقين، بل يسأل ربه أن يكون إماماً للمتقين، وفي المقابل قال تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [القصص:٤١] في شأن آل فرعون وأهل الضلالة والغواية.

فمن الممكن أن تكون أخي الشاب إماماً في خير، وممكن أن تكون إماماً في شر ممكن أن تكون قائداً في ضلالة، وممكن أن تكون قائداً في هداية، فالمسألة تعود إلى ماذا تطعم نفسك فتنتج بعد ذلك؟ ماذا تغرس وتبذر في أرض قلبك، وفي صحراء فؤادك، وفي طبيعة حواسك؛ لنعرف في المستقبل ماذا سنجني وعلى ماذا سنحصل منك؟

وكل امرئٍ والله بالناس عالم له عادةٌ قامت عليها شمائله

تعودها في ما مضى من شبابه كذلك يدعو كل أمرٍ أوائله