للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ضابط إخبار الناس بالأعمال الصالحة]

السؤال

أنا شاب أحب أن أخبر الناس بأعمالي الصالحة لا لأجل الرياء، وإنما لكي يقتفوا أثري ويتأثروا بي، فما هو توجيهكم لي في فعلي هذا؟

الجواب

أخي الحبيب! لقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الشرك الخفي، وبين أنه أخفى في هذه الأمة من دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، وإن كنت تأمن على نفسك فتنة الرياء والسمعة، وتعلم أنك إذا تكلمت فإن هذا يحدث لا محالة أثراً في السامعين لفعل خير وترك شر؛ فلا بأس، وإن كنت تعلم أنك إن تكلمت فإن كلامك يحدث فيهم فعل خير وترك شر، ولكن يدخل في نفسك ما يدخلها من الرياء والعجب، فدرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وإياك أن تحبط عملك بالرياء والسمعة، وهي من صفات المنافقين، قال تعالى: {يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً} [النساء:١٤٢].

أخي الحبيب! إن مسألة العمل وإخلاص العمل أمر غريب وعجيب، يقول أحد السلف ولعله الحسن البصري: ما كابدت شيئاً أتعبني كما كابدت نيتي.

وإنا نشكو إلى الله إهمالنا وغفلتنا وتفريطنا وتقصيرنا في أمر النية.

فيا أخي الحبيب! إذا كان الأمر فيه جانبان، وهما: يقينك بتأثر السامع، ويقينك بسلامة نفسك من الرياء والعجب، فلا بأس، وإن تحقق عدم استفادة السامع مع يقينك بسلامة نفسك من الرياء، فلا داعي لذلك أبداً {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة:٢٧١] وإن غلب على نفسك تأثر السامع وعدم سلامة النفس من الرياء، فدرء المفسدة مقدم على جلب المصلحة.

ويا أخي الحبيب! اجعل بينك وبين الله سراً، مهما كانت ذنوبك، ومهما كانت معاصيك، ومهما كانت أخطاؤك، اجعل بينك وبين الله سر لا يطلع عليه أحد لماذا كل أعمالنا نفسدها بالمن والأذى والرياء والقيل والقال؟ وإني من هذا المكان لأغبط شباباً إن حضروا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفقدوا، وإن خطبوا لم يزوجوا، وإن سألوا لم يعطوا، والله إنا على يقين أنهم خير منا بمئات المرات، فهنيئاً لهم إذ لم يعرفوا وقد فتح الله عليهم أبواب خير من الدعوة، خاصة دعوة الشباب والعناية بالشباب، ومجاهدة الأنفس، وتربية الشباب، التربية الفردية والدعوة الفردية، فقد حصلوا الأجر وسلموا من فتنة الشهرة والقيل والقال.